15 سبتمبر 2025

تسجيل

الجزيرة الفضائية في ثوب جديد

23 سبتمبر 2011

منذ اللحظة الأولى لانطلاقة محطة الجزيرة الفضائية في أجواء العالم العربي ، أفرحت الكثير من الناس وبعثت فيهم روح الآمال في أحداث تغيير في عالم الإعلام العربي الرسمي ، وفعلا فعلت فعلها ، فأخرج الإعلام الرسمي العربي بوجهه القبيح والممل من دائرة المشاهدة ، وانصرف الناس نحو شاشة الجزيرة يتابعون ما تبث . قدرها أن مولدها جاء في أحلك الأزمات حصار أهلنا في العراق وما عانوه من عدوان أممي وحصار لا سابق له في تاريخنا المعاصر ، حرب أممية على العراق الشقيق وحرب صهيونية على لبنان وأخرى على الشعب الفلسطيني وتوالت المصائب على أمتنا العربية بكل أشكالها والإعلام العربي الرسمي منشغلا ببث مسلسلات التسلية واللهو ومدح الحكام . انطلقت الجزيرة تبشر بعصر إعلامي عربي جديد لا سابق له في أنماط الإعلام العربي منذ نشوء الدولة العربية .سلكت طريق حرية الرأي والرأي الآخر ، جمعت الضدين في برنامج واحد، عرت الكثير من خفايا الأنظمة العربية . حقا إنها هزة عروش وزلزلت نظم جمهورية استبدادية ، كشفت أسرار تعامل هؤلاء القادة مع أعداء أمتنا العربية والإسلامية . لم يقف الأمر عن كشف طغيان الحاكم العربي وجبروته ، وإنما تعدى تلك الحدود لتكشف فضائع العدوان الأمريكي الأوروبي الإسرائيلي على إخواننا في السودان وأفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين والصومال وأماكن أخرى من عالمنا العربي . لم تسلم مكاتب الجزيرة في أماكن متعددة من العالم من عدوان الأنظمة عربية وغير عربية، استشهد البعض من رجالها في ميادين القتال ، وتعرض البعض من العاملين في مكاتبها في عواصم عربية للضرب والسب والنهب ، أغلقت حكومات عربية متعددة مكاتب الجزيرة في تلك العواصم ، وتعرضت للتهديد بالتفجير من قبل جورج بوش الابن وشريكه في العدوان علينا توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق،كما تعرضت للتشهير وحبك الأكاذيب والتشكيك في مشروعها وبقيت صامدة تؤدي رسالتها في منظومة قيم أخلاقية ومهنية رائعة لم تهزها العواصف رغم شدتها وتعدد مساراتها ، لكنها ثبتت وكان وراء صمودها في وجه كل تلك العواصف رجل هادي الطبع حكيم في إدارته تكاد لا تسمع له صوتا وهو يتحدث معك تأدبا واحتراما ومن فوق ذلك صاحب المشروع الأول سمو الأمير حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر الذي حماها من كل الأعداء لأنه آمن بحرية الرأي وحرية التعبير. لماذا كل هذا العداء لمحطة الجزيرة ؟ لأنها وقفت إلى جانب الحقيقة ، لأنها كشفت المستور عند أنظمة عربية كثيرة ، لأنها رسخت مبدأ الإعلام الحر ، لأنها نادت وعملت بحرية الكلمة ، لأنها سلاح ثوار عصر النهضة العربية الحديثة التي انطلقت من تونس الخضراء وامتد ت بعنفها الثوري المسالم إلى مصر فأسقطت فرعون مصر حسني وأودت بأركان حكمة إلى غياهب السجون ، والفرعون حسني يجرجر على سرير من زنزانة إلى أخرى ، لأنه ظلم وتكبر وتجبر واستبد بأهلنا في مصر وثرواتهم فكانت نهايته السجون ، وكميرات محطة الجزيرة تلاحقة من زنزانة إلى أخرى وهو على فراش الذل والمهانة ، والأمر ليس بعيدا عن علي عبد الله صالح وقريبا سنرى عجائب قدرة الله فيه وفي حاشيته ، وهذه سوريه الحبيبة تعاني من قهر حكامها الذين لم يتركوا وسيلة من وسائل القوة إلا استخدموها لإخضاع الشعب السوري العظيم لإرادتهم ولم يتركوا كلمة أو عبارة أو تهمة إلا استخدموها للنيل من سمعة ومكانة الجزيرة التي فضحت ممارساتهم وبطشهم بالإنسان السوري وحتى حيوانات سوريا لم تسلم من بطشهم ، لتلك الأسباب وغيرها يعادون الجزيرة الفضائية . ( 2 ) الجزيرة حمل رايتها إلى معراج النجومية في بادي الأمر الأستاذ محمد جاسم العلي من أبناء قطر الميامين ووضعها على كرسي عرش الإعلام العربي دون منافس رغم كل المحاولات ، وخرج أبو جاسم من دائرة الضوء الإعلامي بهدوء وخلف بعدة تجربة إعلامية لا ينكرها إلا مكابر ، وتسلم الراية من بعدة الأستاذ وضاح خنفر وأضاف وإبدع ولا حقته قوى الشر من كل مكان ، ولاحقته التهم بالخيانة والعمالة لكل أعداء الأمة ، لكنه والحق استطاع أن يتغلب على كل من أراد أن يمس مهنيته أو سمعته الوطنية . اليوم يخرج وضاح من محطة الجزيرة بعد معارك ونجاحات وإخفاقات وقد ترك خلفة تجربة تراكمت على تجربة محمد جاسم العلي وبنت جبال من النجاحات لا يستطيع أحد إنكارها فوداعا يا أستاذ وضاح بعد صحبة دامت ثمانية أعوام متمنيا لك كل النجاح والعزة في قادم الأيام . ( 3 ) اليوم تستقبل فضائية الجزير الإعلامية الشهيرة أخو عزيز ورجل من رجالات قطر الذي تشهد له كل مؤسسة عمل بها بسمو خلقة وعلو همته ونجاحه في كل مهامة . يدخل الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني في فضاء آخر ، الإعلام ، بكل ما فيه من ألغام وآلام ومطبات وحفر متناثرة يدخل إلى صرح شامخ لا يضاهيه شموخ إلا شموخ قائد مسيرتنا وراعي نهضتنا سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ليكمل الشيخ أحمد مسيرة من سبقوه مضيفا وواعدا ، نعلق عليه الآمال الكبيرة في أن نرى هذه المحطة يعلو شأنها لتؤدي رسالتها في ترسيخ القواعد المهنية الإعلامية وأخلاقياتها ، وتدعيم أواصر الأخوة والمحبة بين منتسبيها ، ويسود بينهم مبدأ المساواة والإنسان المناسب في المكان المناسب . إن النجاح للجزيرة ليس فقط بتعدد اللغات الناطقة بها ، كالإنجليزية ، والفارسية والتركية والإسبانية وغيرها من اللغات , إن النجاح هو في تبني قضايا أمتنا العربية والإسلامية بتلك اللغات ولا نترك الحبل على الجرار دون توجيه ونحن المشتغلين بالشأن العربي نتمنى على الشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني أن يكون اختيار المراسلين والمذيعين ومصيغي مادة الخبر في الجزيرة باللغات الأخرى أن يكونوا من المهتمين بشأن أمتنا ولا عيب في توجيه بعضهم بطرائق متعددة دون إثارة . إن الجزيرة هي صوت قطر في كل محفل وجيشها المسلح بالحرية والمهنية قادرة على تحقيق الأهداف التي يبتغيها أميرنا المفدى . وأذكر الشيخ أحمد بأن يلتفت إلى فرسان الجزيرة التي انطلقت جهودهم عبر الجزيرة لتدك حصون الإعلام الرسمي العربي بهم وبفكرهم وصدقهم وأذكر منهم الدكتور النفيسي ، والدكتور الشيخ محسن العواجي ، والأستاذ عبد الباري عطوان ، والأستاذ عبد الملك المخلافي من اليمن وغيرهم من الفرسان أصحاب الكلمة المسموعة والمؤثرة . لقد غاب الفرسان في الحقبة الأخيرة الذين أتيت على ذكرهم و من لم أذكرهم دون سبب ، كما أتمنى أن تعرّب القضايا العربية كان يتحدث ابن الخليج عن فلسطين وكذلك ابن المغرب العربي ، ويتحدث ابن المغرب العربي وابن اليمن عن السودان والعراق والبحرين لنشعر الآخرين بأن هم أمتنا واحد وليست هموما إقليمية محدودة بحدود الدولة . آخر القول : أتمنى للشيخ أحمد بن جاسم بن محمد آل ثاني كل التوفيق والنجاح في مهمته الجديدة , والله ولي التوفيق .