12 سبتمبر 2025
تسجيلهو مثل شعبي يحمل معاني جميلة عن التكامل والتكافل بين الناس عمومًا والأقارب خصوصًا، فإذا تزوج الابن بابنة عمه قالوا «دهنّا في مكبّتنا»، وإذا تعاقدت مع شركة أخيك لبناء فيلتك فأكيد إن دهنكم يكون في مكبّتكم... وقس على ذلك. وقد يتوسع البعض في استغلال هذا المبدأ فيستخدم صلاحياته الوظيفية لتشغيل شركته أو شركة أحد أقاربه في جهة عمله، أو يوجه قسم المشتريات للتعامل مع تاجر معين وهنا يختلف الأمر فيصبح المثل «دهن الحكومة في مكبّتنا». ولكن ما علاقة المثل الشعبي آنف الذكر بغابات الأمازون التي تمتد عبر تسع دول لاتينية؟، تخيل لو أن مسؤولًا عن البيئة في إحدى تلك الدول عرضت عليه شركة أخشاب عملاقة رئاسة مجلس إدارة الشركة، طبعًا مقابل المكافأة التي عادةً ما تصرف لأعضاء مجلس الإدارة، والسؤال كيف سيكون موقف ذلك المسؤول إذا تعارضت أعمال الشركة مع المصلحة العامة؟، كيف سيتصرف إذا لم تلتزم الشركة بالشروط البيئية؟، أعتقد أن «رئة الأرض» ستكون في خطر محدق. وبالمثل عندما يكون رئيس مجلس إدارة مؤسسة ما هو نفسه الرئيس التنفيذي للمؤسسة ذاتها فإن في ذلك تعارضا صارخا للمصالح، وذلك أن رئيس مجلس الإدارة يتبع للجهاز الحاكم وهو جهة رقابية وتشريعية، في حين أن المدير العام أو الرئيس التنفيدي يتبع للجهاز التنفيذي ويخضع لرقابة الجهاز الحاكم، فإذا تولى رئيس مجلس الإدارة صلاحيات تنفيذية أصبح هو يراقب على نفسه وأصبحت الشركة في مهب الريح. لذلك فإن مبدأ «الحوكمة» التي تعرّف بأنها مجموعة من الأنظمة والضوابط التي تنظم العلاقات بين أصحاب المصلحة وتحقق مجموعة من المبادئ كالعدل والشفافية والمساواة، قائم على فصل السلطات. ولا شك أن عدم فصل السلطات التي تعرف بـ «السلطات الثلاث» (التشريعية والتنفيذية والقضائية) يفتح الباب على مصراعيه للممارسات الفاسدة ويقوض منظومة النزاهة. ومن هذا المنطلق فإنه لا ينبغي لأي مسؤول في جهة حكومية رقابية مهما علا منصبه أن يتقلد منصبا أو عضوية ما في أي شركة أو مؤسسة تخضع لرقابة الجهة التي يعمل بها تجنبًا لتعارض المصلحة الخاصة التي يجنيها من عضويته تلك بالمصلحة العامة التي تتبناها جهة عمله فيقدم مصلحته على ما تقتضيه المصلحة العامة على أساس «دهنّا في مكبّتنا».