16 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تبرز أهمية مناقشة قضايا الحوكمة لدى البنوك الخليجية في ظل التحديات التي تواجه تعافي الاقتصاد العالمي، والمخاوف من التطورات في الاقتصادات المتقدمة، وكذلك الاقتصادات الناشئة التي تواجه هي بدورها تحديات للمحافظة على زخم النمو لديها. ولعل التوسع الكبير في الائتمان المصرفي، كما هو ملاحظ في عدد من الدول النامية في آسيا وأمريكا اللاتينية والاقتصادات الناشئة في الآونة الأخيرة مستفيدة من أسعار الفائدة المنخفضة، يمثل مصدراً آخر للقلق قد يساهم في تراكم محتمل للمديونية من جانب، ويضعف من قدرة هذه الاقتصادات والدول من جانب آخر على مواجهة الصدمات الخارجية. ويبرز على ضوء كل هذه التطورات والتحديات، أهمية تقوية ممارسات الرقابة الاحترازية الكلية وإدارة المخاطر لدى المؤسسات المالية والمصرفية الخليجية. كما يؤكد على الحاجة لمتابعة تطوير القدرات الإشرافية والرقابية، بما يعزز من سلامة وكفاءة القطاعات المصرفية وقدرتها على مواجهة الصدمات. لقد بذل المجتمع الدولي ممثلاً بلجنة بازل للرقابة المصرفية وقمة العشرين والمصارف المركزية جهوداً كبيرة خلال السنوات الخمس الماضية، سعياً لتطوير والارتقاء بالتشريعات والإجراءات الرقابية للتعامل بصورة أكثر احترازية وشمولية مع المخاطر، والعمل على انسجام ذلك مع متطلبات رأس المال والسيولة للمؤسسات المالية والمصرفية، بما يساعد على تحسين قدرة القطاعات المالية والمصرفية على مواجهة الصدمات الاقتصادية والمالية المختلفة. وقد تجسدت هذه الإصلاحات بالقواعد الرقابية بما يعرف ببازل 3. وتحرص السلطات النقدية الخليجية على تطوير التشريعات والممارسات الرقابية لتنسجم مع التطورات والتعديلات في المبادئ والمعايير الرقابية الدولية. فقد أقدمت المصارف المركزية في السنتين الأخيرتين على اتخاذ إجراءات نحو تطبيق بازل 3. ومع ذلك، فإن تعقد هذه التشريعات والمعايير الرقابية وتسارعها، يفرض تحديات عديدة على المصارف المركزية والسلطات الرقابية والمصارف نفسها في الدول النامية ومنها المصارف الخليجية. وتواجه المصارف الخليجية بصورة خاصة عددا من التحديات، وفي مقدمتها الارتفاع الكبير في التركزات الائتمانية، والحاجة إلى تقوية ممارسات الحوكمة السليمة وإدارة المخاطر. ولا يخفى أنه رغم كبر الحجم النسبي للقطاع المصرفي الخليجي وكذلك حجم تمويله للاقتصاد كنسبة للناتج المحلي الإجمالي الذي يبلغ نحو 100% تقريبا، فإن هذا التمويل يعتبر أكثر تركزاً مقارنة بأي مجموعة أخرى من الدول. ولا شك أنه بالإضافة إلى ما يحمله هذا التركز من مخاطر كبيرة على النظام المصرفي، فإنه يعيق من جانب آخر تمويل احتياجات التنمية، ذلك أن الجزء الأكبر من الشركات وقطاع الأعمال، خصوصاً الصغيرة والمتوسطة، مازالت محرومة من الحصول على التمويل والخدمات المالية والمصرفية، وحصة هذه الشركات من إجمالي القروض والتسهيلات التي تقدمها المصارف محدودة في المتوسط. ولا شك في أن هناك العديد من السياسات والإجراءات التي يمكن للسلطات الإشرافية تبنيها، سعياً إلى الحد من هذه التركزات الائتمانية وتحسين الوصول إلى التمويل. كذلك لا يقتصر الأمر على تركز التسهيلات الائتمانية، بل أيضاً هناك تركز كبير في هيكل ملكية المؤسسات المصرفية. ويقود هذا إلى مسائل تطبيق قواعد وممارسات الحوكمة السليمة لدى هذه المؤسسات. كما تبرز تخوفات من تأثيرات الإجراءات الرقابية الدولية ومنها بازل 3 على القدرات التمويلية للمصارف الخليجية وبالتالي في قدرتها على دعم القطاع الخاص للنهوض بدوره في برامج التنمية خاصة فيظل تراجع الإيرادات النفطية الحكومية. كما أن محدودية وسائل التمويل المحلية المتوسطة والطويلة الأجل والمخاطر المحتملة المرتبطة بتلك المشاريع ومحدودية المشروعات المهيكلة بشكل جيد وصغر حجم أسواق المال والقيود على الاستثمارات البينية ومخاطر البيئات الاستثمارية والتشغيلية جميعها تحد من دور القطاع الخاص في برامج التنمية. لذلك، لا مفر من أن تواصل الحكومات والسلطات النقدية الخليجية تنفيذ وتعزيز سياسات محددة تقوم على توفير بيئة تتسم بدرجة أقل مخاطرة لرأس المال، وتتضمن تقديم الحكومة لضمانات جزئية للقطاع الخاص ضد المخاطر السياسية، وتفعيل خدمات الدعم الفني للإصلاح المؤسسي والتشغيلي وتطوير مؤسسات تمويل برامج التنمية لتوفير قروض للمشاريع بفترة سماح أكبر وتكلفة أقل لتشجيع القطاع الخاص على المشاركة في هذه المشاريع، كذلك قيام الصناديق السيادية بالاستثمار في محفظة من المشاريع الخاصة بالبنية التحتية، أي تساهم في تمويل المشروعات ومن ثم لا تنطوي على نسبة مخاطر عالية بسبب التنوع الذي تتسم به المحفظة الاستثمارية، فضلاً عن تبني تجربة الصناديق الخاصة بتنمية البنية التحتية والتي تستثمر في المشروعات خلال فترة الإنشاء أو فترة التشغيل. وتهتم بالأخص بالاستثمار في مشروعات الطاقة والنقل ومشروعات الإسكان والمرافق التعليمية والصحية.