13 سبتمبر 2025

تسجيل

رؤية حول تقييم الاحتياجات في المؤسسات الحكومية

23 يوليو 2020

د. علي سعد النعيمي قبل أشهر من بدء جائحة كورونا وأثناء إلقائي محاضرة عن تحليل احتياجات التدريب (TNA ) في برنامج تدريبي لكبار موظفي الصحة العامة والبيئية النيجيريين بجامعة كارديف ميتروبوليتان- بريطانيا، طرح أحد المشاركين سؤالا عن كيف يمكن تحفيز الموظفين الحكوميين ورفع أدائهم الوظيفي. ولعل هذا السؤال أثار فضولي لمدى تشابه المشاكل والعقبات التي تواجه المسؤولين والموظفين ليس في القطاع الحكومي فقط وإنما حتى في قطاعات الأعمال المختلفة (صناعية، تجارية...الخ). في وقتنا الحاضر تعتبر إستراتيجية تنمية الموارد البشرية HRD ، وبالأخص في تطوير الأداء الوظيفي من أهم أولويات المؤسسات والمنظمات محليا وعالميا باختلاف طبيعة ومجال عملها. فقد باتت الهياكل التنظيمية لهذه المؤسسات لا تخلو من قسم أو إدارة تختص بوضع الآليات التي تضمن الوصول إلى أهداف المؤسسة من خلال أداء وظيفي مثالي وقياسي لموظفيها. ويعتبر تقييم الاحتياجات NA أول خطوة على الطريق الصحيح ينبغي لكل مؤسسة أن تخطوها قبل البدء في عملية تصميم وتطوير أي مبادرة لتنمية الموارد البشرية HRD أو حتى عمل تقييم للأداء البشري HPA. إن تقييم الاحتياجات بالمنظور العام هو عملية لدراسة وتأطير المشاكل ذات الصلة بالكيانات المؤسسية والعاملين فيها، وهو فرصة لإيجاد أفضل السبل لتطوير وتحسين الأداء الوظيفي وتحقيق رؤية وأهداف هذه الكيانات. وبشكل عام يبدأ العمل بها استجابة لمشكلة أو فرصة، أو قد يُستخدم في جهود التعليم والتدريب المستمر أو تحسين الأداء في بيئة عمل معينة. فهو عملية لتحديد وتلبية الاحتياجات من خلال سد الثغرات أو القصور بين الوضع الحالي للأداء والإنتاجية والوضع المثالي أو القياسي لها على مستوى المنظومة أو الفرد. وهنا لابد من الإشارة بأنه يتم تحديد الوضع المثالي لمؤسسة أو منظومة ما، من خلال أهداف المؤسسة أو من خلال الوضع التنافسي والبيئة المحيطة بطبيعة عملها. قد يكون هذا الكلام أكاديميا مجردا ولكن ببساطة فإن عملية تقييم الاحتياجات هي إيجاد أفضل السبل لتحقيق أهداف المؤسسة، ولتحقيق ذلك فيجب أولا تحديد نتائج الوضع الحالي، ثم تحديد النتائج المنشودة، فتصبح المسافة أو القصور فيما تحقق بينهما هي الحاجة الفعلية للمؤسسة. وهنا تجدر الإشارة بأن هناك فرقا بين ما يريده المسؤول أو صاحب القرار وبين ما تحتاجه فعليا هذه المؤسسة أو المنظومة. ودعونا نعد إلى المسؤول النيجيري والإجابة على تساؤله؟ قلت له إنه ينبغي البحث عن السبب الرئيسي لوجود هذا الخلل أو التقصير الوظيفي حتى يتسنى علاجه، وبرأيي أن المشكلة تكمن إما في أهداف ورؤية القيادة العليا ومتخذي القرار أو في النظام المتبع إداريا كان أو فنيا أو عملياتيا أو في الأفراد العاملين. ولكل مستوى من هذه المستويات طريقة وإجراء يمكن من خلالها أن نشخص المعوقات والمشاكل الرئيسية ومن ثم طرح الحلول الممكنة. وهنالك عدة محاور تدور حولها المسببات لمثل هذا الخلل، فإن كانت المشكلة تكمن في مجال الخبرة والمعرفة والمهارة للفرد فهذه يمكن علاجها بالتدريب والتعليم والاحتكاك مع الخبراء في نفس مجال العمل، أما إن كانت تتعلق بأمور أخرى كنظام العمل أو الحالة النفسية أو المعنوية أو المجتمعية فهنا لابد من مراجعة كاملة للأهداف ولنظام وأسلوب الإدارة والقيادة، فقد تكون الأهداف لا يمكن تحقيقها من خلال النظام المتبع مما يشكل ضغطا نفسيا ومعنويا على العاملين. وباختصار فإن نجاح أي عملية لتقييم الاحتياجات تعتمد بشكل رئيسي على عدة مراحل، تبدأ بتحديد المشكلة بشكل واضح ومباشر، ومن ثم مرحلة جمع وتحليل المعلومات المتعلقة بالمستويات الإدارية والتنظيمية، ويعقب هذه المرحلة رسم خارطة طريق للحلول والإجراءات المقترحة لحل المشكلة واتخاذ القرارات المناسبة على ضوء التوصيات، وأخيرا المتابعة والإشراف على آلية التنفيذ وتدوين وجمع الملاحظات أثناء وبعد تنفيذ الحلول.