14 سبتمبر 2025

تسجيل

التجارب سنوات للعمر

23 يوليو 2020

*شاء الخالق للإنسان أن يولد ويكون كائناً حياً ضمن هذا الوجود، يولد بموقف ولادته، وحركته وبكائه وضعفه لتتلقفه وتحتضنه أيدي والديه وحضن أمه؛ ليرضع روح الحياة ليعيش طفلاً صغيراً محمولاً على الأيدي، ويحيا مواقف وأحداثاً ومع وجوه كثيرة قد لا يعيها ويعرفها ويدركها صغيراً، مع الأيام يدرك الكثير منهم ويعرفهم ويكون ضمنها وحدثاً فاعلاً فيها. *تصادف الإنسان قوافل مفاجئة من الهموم التي تعصف به وتفاجئه في لحظات وأوقات لم يتوقعها ولم ينتظر يوماً قدومها، يحاول تجاوزها وتغير مسارها، قد يحاول الهروب وعدم الوقوف عندها محاولاً تخطيها وابعادها لما سوف تحمله من أفكار وهموم لن تكتفي بأن تأخذ مكانها وتسكن في مكان معين لزمن وترحل، بل إنها تمتد لتسكن روحه وتعوق حركته وتشل تفكيره عن اتخاذ القرار والتفكير في الأمور بشكل أكثر هدوءاً. ليكون أسيرها في موقف صعب يدعو الله أن يستطيع تجاوزها بصبر وهدوء وثبات من الله لتجاوزها ونيل الأجر، وخلالها تتمخض الوجوه لتثبت صدق ونبل وصفاء معدنها. *المواقف توضح وتكتشف جوهر الإنسان ومعدنه، وتثبت صلابة وصدق من كان معنا من ناس، فعندما يمر الإنسان بمواقف صعبة ومحن، يحتاج ليد تمتد لتساعده للعبور أو تساعده على الوقوف أو لتمسح دمعته وروح تشاركه آلامه وأحزانه، لكن يُفاجأ الإنسان بالكثير من الذين أداروا ظهورهم ورحلوا، أشاحوا بوجوههم عنه بل قد ينكرون معرفته يوماً ما!. *وتجد من الأسماء والوجوه التي لربما لم يكن لك معها إلا لقاءات بسيطة عابرة صادقة، يظهرون مدى نبلهم وصدقهم وسمو أرواحهم ورقيها في هذه المواقف، وتجدهم يقفون أمامك يمدون يد المساعدة لتحمل روحك وجسدك للعبور والمضي والوقوف، ويكونون معك بكل جوارحهم ومشاعرهم لتعبر المحنة. *المواقف والأيام وأحداثها تظهر لنا حقيقة كثير من البشر، والمواقف تعتبر المحك الحقيقي لنفوس كثيرة قد أعطت ثقتها يوماً ما لأناس لتكتشف مع المواقف بأنهم لم يكونوا سوى سراب لا حقيقة لإنسانيتهم، معنا، أو أننا كنا سلالم وجسوراً ليمضوا عبرها لغايات وأهداف وتحقيق ما تسعى اليه أنانيتهم وخطواتهم وخططهم!. * يمر الإنسان بمواقف جميلة وغالية، يحملها بذاكرته ولا ينساها أبداً، يتذكرها ويحفظها، ومن الناس من لا يحملون ذكريات في نفوسهم سواء كانت أليمة أو سعيدة، فهم يعيشون على هامش الحياة بقدر ما كتب لهم أن يعيشوا، لتأتي لحظتهم ليودعونا دون ذكرى لهم، فالفقير حقاً.. ذلك الذي لا يحمل ذكريات مع الآخرين. * آخر جرة قلم: المواقف، معركة قد يخرج منها الإنسان منتصراً أو خاسراً، والمنتصر الحقيقي من خرج بمبدأ لا يحيد عنه وصور وأحداث يستحيل للآخرين الوصول إليها. المواقف تخلق فينا أشياء لم نكن لنعرفها ولم نكن لندركها، ونعيش ونتعلمها ما لم تأخذنا يد القدر إليها، قد يستغرب الإنسان بين يوم وليلة حين يصادف أحداثا ومواقف صعبة، فنحن مؤمنون بالقضاء والقدر وبالمشيئة الإلهية التي تحرك الإنسان كيفما شاءت. المواقف والظروف تدفع الإنسان إلى أن يغير حساباته وأولوياته، وربما يشطب أسماء لم تكن يوماً سوى أسماء احتلت خانة وكانت أصواتاً تنطق دون هدف !، المواقف والظروف مدرسة خاصة تسكن الأعماق، الطالب الوحيد فيها هو الإنسان.. يستوعب الدروس وينتظر تبدل المعلمين ويكون ضمنها الطالب النبيه متى استوعب الدروس ولا يكررها. التجارب والخبرات بكل تفاصيلها وما تركته من لحظات فرح أو ألم؛ عمر يسبق سنوات العمر. [email protected]