17 سبتمبر 2025
تسجيلصادق الكنيست الصهيوني الإثنين (20 يوليو الحالي) بالقراءتين الثانية والثالثة، على تشديد عقوبة الرشق بالحجارة من قبل الفلسطينيين باتجاه السيارات الصهيونية، حيث يمكن أن تتراوح العقوبة ما بين 10 - 20 عاماً من السجن الفعلي، كما يُسهّل القانون إدانة "راشقي الحجارة" باتجاه سيارات الشرطة الصهيونية. وفي تعقيبها على اقتراح القانون، قالت وزيرة القضاء أييليت شاكيد، التي قدمت الاقتراح للتصويت عليه: إنه "تم تحقيق العدل"، وأنه لم يعد بإمكان راشقي الحجارة التهرب من العقوبة والمسؤولية، زاعمة أن "التسامح معهم قد انتهى"، وأن "العقوبة المناسبة تشكل عاملاً رادعاً".. تصوروا. لقد وصف كيري يوما إسرائيل بأنها ستكون دولة أبارتهايد في حالة فشل حل الدولتين (مفهومة هي الظروف التي دفعته للتراجع عن التصريح)، هذا يمثل جزءا بسيطا من الحقيقة، لأن الكيان الصهيوني بُني على العنصرية. وسنوات وجوده أثبتت بما لا يقبل مجالا للشك: حقيقة عنصريته وتطورها، باعتبارها الظاهرة الأكثر بروزا في إسرائيل، آخر تقليعات العنصرية، عزم نتنياهو على قوننة "يهودية الدولة" كقانون أساسي في الكنيست الحالي (الجديد) باعتبار إسرائيل "الدولة القومية للشعب اليهودي"، من قبل كانت إسرائيل تُعتبر في العرف الصهيوني: "دولة يهودية ديمقراطية"، "يهودية الدولة" تنفي بالطبع ديمقراطيتها، فلا يجوز جمع التعبيرين معا، لقد قرعوا رؤوسنا في الغرب بـ"ديمقراطية" إسرائيل والتغنّي بها، بموجب القانون فيما لو تم إقراره (وسيتم ذلك)، إمكانية إجراء ترانسفير لعرب منطقة 48 بشكل قانوني هذه المرة، كما أنه إلغاء لحقوق أهلنا هناك، وإلغاء لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وستكون إسرائيل دولة خالصة "للشعب" اليهودي، نعم إسرائيل تجاوزت العنصرية لمرحلة ما بعدها، أصبحت العنصرية تأخذ دروسا من إسرائيل، الأنظمة العنصرية كما الأخرى الدكتاتورية، تصل إلى مرحلة من الإشباع في درجة عنصريتها بعد استنفاد كل ما تستطيعه من وسائل وقوانين عنصرية، ضد فئات معينة فيها، إلى الحد الذي تبدأ فيه اختراع وسائل وقوانين جديدة، حيث تكون هي السبّاقة فيها على مستوى التاريخ، إذْ لم يسبقها أحد في كل مراحله إلى الإمساك بهكذا قوانين، حيث يجوز توصيف هذه الأنظمة والحالة هذه: بأنها أصبحت في مرحلة جديدة، مرحلة ما بعد الظاهرة المعنية، ألا وهي العنصرية، أي بمعنى آخر: في مرحلة ما بعد العنصرية، وهذا توصيف جديد للعنصرية الصهيونية. إسرائيل خير تمثيل لهذه المرحلة وأكثر، فقد تفوقت على كل الأنظمة الشبيهة في التاريخ في عنصريتها، لذا وعن جدارة تحتل المرتبة الأولى في مرحلة ما بعد العنصرية، في الكيان الصهيوني ووفقاً للمنظمة المعنية بحقوق (الأقلية العربية)، "عدالة"، فإن هناك 20 قانوناً تمييزياً تتحدث بشكل واضح عن التمييز ضد الفلسطينيين العرب في المنطقة المحتلة عام 1948، هذه تسمى "قوانين أساس" بدلاً من الدستور، 12 قانونا منها تنص بشكل مباشر على التمييز، أما الثمانية الأخرى فهي غير مباشرة في عنصريتها، لكن المقصود من بين سطورها هو: ممارسة العنصرية ضد أهلنا الفلسطينيين العرب هناك. إسرائيل ومنذ إنشائها في عام 1948 وحتى عام 2010 سنّت 32 قانوناً تمييزياً، أما في الأعوام بين 2011-2015 فقد قامت بتشريع 15 قانونا عنصريا ومنها: منع فلسطينيي 48 من إحياء ذكرى النكبة، وحق وزير الداخلية الإسرائيلي في سحب الجنسية من العرب، وغيرها وغيرها من القوانين. ليس مصادفةً أن يطلب نتنياهو والقادة الإسرائيليون الآخرون من الفلسطينيين والعرب الاعتراف بـ"يهودية إسرائيل"، وذلك مثلما قلنا، لأخذ المبررات الكاملة مستقبلاً للتخلص من فلسطينيي منطقة 48 بكافة الأشكال والطرق، المعروفة منها والمجهولة، والقيام خلال مرحلة الإعداد للترانسفير، بحصارهم قانونياً من خلال أدلجة العنصرية وقوننتها، لخلق وقائع حياتية تُصعّب من معيشتهم، لدفعهم دفعا إلى البحث عن حلول منها: الهجرة إلى الخارج، التمييز في إسرائيل ضد العرب يطال: حقوق المواطنة، الحقوق السياسية، التعليم، البناء والسكن، سلب الأراضي العربية ومصادرتها بكافة الوسائل والسبل، توزيع الموارد وميزانيات مجالس القرى والبلديات، الحقوق الدينية وغيرها وغيرها. من الملاحظ أن القوانين العنصرية والممارسات التمييزية ضد العرب تتناسب بشكل طردي مع مضي السنوات على إنشاء الكيان الصهيوني، هذه هي الحقيقة الأولى، أما الحقيقة الثانية التي هي ليست بعيدة عن الأولى فهي: التناسب الطردي بين العمر الزمني للكيان.. وسيطرة الاتجاهات الأكثر تطرفاً على الحكم فيه بكل ما يعينه ذلك من تداعيات: العدوانية، المجازر ضد الآخرين، الفوقية والاستعلاء، اعتماد الأسس والمبادئ التوراتية الصهيونية في التأسيس للعنصرية من خلال: تشريع القوانين. لقد سبق وأن وصف عوفاديا، أحد أكثر الحاخامات تبجيلا في الكيان وقد كان قبل موته، حاخاما لكل اليهود الشرقيين، أفتى فتوى قبل موته مباشرة، تقول "بأن اليهودي الذي يقتل مسلماً فكأنما يقتل ثعباناً أو دودة مُضرّة، والعرب خطر على البشرية، لذا يجوز التخلص منهم لأن هذا كالتخلص من الديدان وهو أمر طبيعي أن يحدث". في عام 2001 دعا إلى إبادة العرب بالصواريخ قائلا: "يجب ألا نرأف بهم وعلينا أن نقصفهم بالصواريخ كي نبيدهم وذويهم، هؤلاء الأشرار والملعونين". لقد طالب هذا الحاخام اليهود "بأن يبتهلوا إلى الله ويدعوه لإبادة العرب ومحوهم من على وجه البسيطة وإماتتهم وسحقهم بالكامل". أمّا بالنسبة للنساء العربيات والأطفال فقد أفتى يوسف "بجواز قتلهن حتى لا يُنجبن إرهابيين، ويجوز قتلهم حتى الصغار منهم كي لا يصبحوا مخربين". بالمناسبة نذكر استطلاعاً للرأي نشرته الصحافة الإسرائيلية، وقام به معهد داحف الإسرائيلي يقول بأن 64% (من 852 يهودياً جرى استفتاؤهم) يؤيدون "بأن اليهود هم شعب الله المختار"، بالتالي فإن الحركة الصهيونية استغلت الدين اليهودي لصالح تنمية العنصرية لدى اليهود ضد كل من هم غير يهود، عنصرية جديدة النمط يتفرد بها الكيان الصهيوني، الدولة الإسرائيلية تجاوزت العنصرية إلى مرحلة ما بعدها، والعنصرية في دولة الكيان هي في أشد حالاتها ظهورا، بالتالي: فإن العنصرية الكريهة ذاتها تأخذ دروسا من الكيان الصهيوني.