15 سبتمبر 2025
تسجيلنعم إنها ليلة عظيمة ، فهي خير من آلاف الشهور في حياة البشر، لأن حقيقتها تفوق إدراك البشر المحدودة ، فهي ليلة عظيمة باختيار الله لها لبدء تنزيل القرآن وإفاضة نوره على الوجود كله وإسباغ السلام الذي فاض من روح الله على الضمير الإنساني والحياة البشرية إنها ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) ، إنها تشيع السلام في الأرض والضمير ( تنزل الملائكة والروح فيها) إنه جبريل عليه السلام أمين الوحي يقود ركب الملائكة بالسلام الذي نزل في هذه الليلة إنه (بإذن ربهم ) إنهم يشيعون هذا القرآن فيما بين السماء والأرض في هذا المهرجان الملائكي الكوني المهيب وللاحتفاء بهذا الدستور والمشاركة للملائكة الكرام بهذا الاحتفال المهيب أمرنا أن نصوم شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن فمن صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وتخص ليلة الإحتفاء والاحتفال والموكب المبارك (ليلة القدر ) بمزيد إكرام " من صام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " .القرآن هو كتاب هذه الأمة الخالدة والذي هو آخر منشور من السماء والذي أخرج الأمة من الظلمات إلى النور فأنشأها تنشأة أخرى وأبدلها من بعد الخوف أمنا "ستسير الضعينة من صنعاء إلى بيت الله العتيق لا تخاف إلا الله " أو كما قال عليه الصلاة والسلام .لقد مكّن الله لهذه الأمة في الأرض، ووهبها مقوماتها التي صارت بها أمة ولم تكن قبل ذلك شيئاً ، وهي بدون هذه الموقومات ليست أمة وليس لها مكان في الأرض ولا لها ذكر في السماء . إن الحديث عن الليلة المباركة الليلة الموعودة المشهودة التي سجلها الوجود كله ولازال اسمها يقرع أذان الزمن مما يزيد على ألف عام لأنها ليلة الاتصال المطلق بين الأرض والملأ الأعلى ، تلك الليلة التي أنزل فيها القرآن أي التي بدأ فيها نزوله بواسطة أمين السماء جبريل على أمين الأرض محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ليبلغه إلى الناس ، حيث بدأ اتصاله بالأرض في ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) ليفتح فيها ذلك الفتح على البشرية والتي يبدأ فيها استقرار هذا المنهج الإلهي في حياة البشرية وعن طريق هذا المنهج اتصل ويتصل الناس بالفوانيس الكونية مترجمة في هذا القران ترجمة تستجيب لنواميس الفطرة التي فطر الله الناس – كل الناس – عليها " كل مولود يولد على الفطرة " ويقيم على أساسها عالماً إنسانياً مستقراً على قواعد الفطرة واستجاباتها متناسقاً مع الكون ( كل قد علم صلاته وتسبيحه ) ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) .هذه الليلة المباركة سماها القرآن ( ليلة القدر ) وسماها ( ليلة مباركة ) وسمى الكتاب الذي أنزل في هذه الليلة المباركة الرفيعة القدر (كتاباً مباركاً ) ، إنه حدث القرآن والوحي والرسالة وليس أعظم منه ولا أقوم في أحداث هذا الكون .إنها ليلة ولادة أمة وليلة دستور كون ، ولذلك كان الاحتفاء والاحتفال من الملأ الأعلى بهذه الليلة عظيمة القدر مباركة النازل والمنزل عليه والمنزل فيه (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ) ولعظمة هذه الليلة يفرق فيها بهذا القرآن ( كل أمر حكيم ) إن الله تعالى لا يحابي أحداً وإنما فضله يؤتيه من يشاء ، إن إتاحة العمل لمن يقدر عليه فضل من الله - جل في علاه – ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ) قل بفضل الله ورحمته .أن أمة ما، لا يجوز أن تنتسب إلى الله بحض الدعوى لأنه لكل حق حقيقة فما حقيقة ماتقول ؟ الأمة التي لا تنحني لله الواحد الأحد وتشابه أبي طالب في قوله " لا تعلوا ستي رأسي هذه " الأمة مصيرها كمصير أبي طالب لأنها لاتوحد الله ولا تنحني لوجهه ولا تخضع له ، أما الأمة التي تتجه إلى الله الصمد فلا تدعو مع الله أحد في الشدة والرخاء .الأمة التي تنقاد لله الحكم ( إن الحكم إلا لله ) فلا تقضي بغير شرعه ولا تحيا إلا وفق أمره .الأمة التي تصبغ باطنها بالتقوى وتملأ أرجاء الأرض بالعدل والإنصاف وتحد مطالبها ومآربها بحقائق الدار الآخرة ويوم العرض على الله .هذه هي الأمة التي يجوز أن تنسب نفسها لله وأنها أسلمت وجهها له .وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين