15 سبتمبر 2025

تسجيل

قضية الأمن الغذائي في ظل التوترات الدولية

23 يوليو 2014

عاودت إشكالية نقص الغذاء تطفو على السطح مع تنامي التوترات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، والتي أثرت بشكل سلبي على اقتصادات الدول العربية سواء التي تعاني من ويلات النزاعات، أو الدول المحيطة بها، علماً بأنّ النشاط التجاري يتطلب استقراراً ليخطو نحو الإنتاجية.ولا يخفى على أحد أنّ منطقة الخليج تتأثر باقتصادات تلك الدول بحكم الموقع الجغرافي، واستند هنا إلى تقرير صدر بالدوحة أن الأمن الغذائي يُمثل تحدياً أمام دول مجلس التعاون الخليجي، وأنها مطالبة بضرورة تبني مبادرات مختلفة للتعامل مع هذه القضية المهمة، حيث تواجه دول الخليج تحديّات في الأمن الغذائي مع وصول حجم الأغذية المستوردة إلى 80-90% من جميع الأغذية المستهلكة. كما أن دول الخليج مصنفة من قِبل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة بأنها تعاني من ندرة مطلقة في المياه، إذ تصل معدلات الاستهلاك في دول مجلس التعاون الخليجي إلى أضعاف معدلات قدرة مواردها الطبيعية على التجديد.وبالنسبة للزراعة، التي تعتمد على المياه الجوفية بشكل عام، فهي تستهلك الحصة الأكبر من إجمالي مصادر المياه التقليدية، وتستهلك عملية تحلية المياه الكثير من الطاقة، ولذا فإن على دول الخليج أن تبحث عن مصادر بديلة للطاقة لتحسين كفاءة استخدام المياه.كما أشار تقرير لجنة إزالة معوقات الاستثمار بالمنطقة العربية إلى أنّ الفجوة الغذائية العربية بلغت 34 مليار دولار في 2010، وفي إفريقيا بلغت 14 مليار دولار حسب إحصاءات المنظمة العربية للتنمية الزراعية.ويشير أيضاً إلى أنّ الزراعة هي النطاق الرئيس للغذاء في العالم النامي، بإنتاج يصل إلى 80% من الغذاء المستهلك لدى العديد من الدول النامية.إلى ذلك أشار التقرير إلى أنه في إطار تطوير الخطة الوطنية للأمن الغذائي سيكون باستطاعة قطر مثلا، إنتاج 40% من المواد الغذائية المهمة من الناحية الإستراتيجية محليًا في غضون عشر سنوات وفقًا للخطة الوطنية للأمن الغذائي.هذا وتعمل المملكة العربية السعودية على صياغة برنامج جديد للاستثمار الزراعي في الدول الأجنبية، بهدف تشجيع القطاع الخاص على تزويدها باحتياجاتها من الحبوب، كما وتشجع المستثمرين من خلال عرض قروض من دون فوائد وشراكات إستراتيجية مع شركات مملوكة للدولة.من جانبها تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على إعادة صياغة السياسات وإجراء أبحاث لدعم الحوكمة والإدارة المناسبة لقطاع صيد الأسماك، كما وعززت من استثماراتها التكنولوجية في مجال مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.وقد خصصت دولة الكويت أراض زراعية للمستثمرين والشركات للزراعة وتربية الماشية والأسماك، إلى جانب استخدامها لأحدث التقنيات بهدف إعادة تدوير المياه لاستخدامها في الري.وبالنظر إلى حجم القضية كما أعلنتها منظمة الأغذية العالمية "الفاو" فإنّ الدول تهدر ما تكلفته 750 مليار دولار سنوياً من الغذاء، وأنّ كميات الغذاء المنتجة وتقدر ب 1،3 مليار تفقد أو تبدد كل عام، وهذه الكميات تمثل أكثر من 4 أضعاف الكميات المطلوبة لإطعام 870 مليون شخص جائع حول العالم. وفي تقرير المنتدى الاقتصادي للعام الحالي رصد الأمن الغذائي ووصفه بأنه مصدر قلق رئيس، وأنّ الخطر يتفاقم بسبب الأحداث المرتبطة بالمناخ وارتفاع الأسعار وانتشار أمراض الحيوانات والطيور وتأثير الخلل المناخي على الزراعة والقطاع السمكي.وحدد أنّ مقومات الأمن الغذائي في سلامة الخصائص الجغرافية والمناخية والبيئية والغابات والموارد المائية والزراعية والبشرية والحيوانية وفي حالة عدم تحقق المقومات فإنّ الفجوة الغذائية حاصلة لا محالة وتبدو آثارها ماثلة بيننا. يرى تقرير لجنة الأمن الغذائي "الفاو" أنّ انعدام الأمن الغذائي هو أكبر معوق للتنمية الاقتصادية إضافة ً إلى النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية والجفاف وهي السبب الرئيس في أكثر من "35%" من حالات الطوارئ الغذائية، وأنّ أكثر من نصف البلدان التي ينتشر فيها نقص الغذاء، وأنّ "75%" من سكان العالم يعيشون في مناطق متضررة، ويتعرض مليارات الناس في أكثر من "100" بلد لحالات جفاف وفقر وزلازل وأعاصير و "11%" معرضين لأخطار بيئية.كما نوه تقرير الهيئة الدولية المعنية بتغير المناخ باليابان إلى إشكالية أكثر خطورة على الغذاء، وهي التغير المناخي التي لم تتخذ الدول بشأنه حتى يومنا هذا أية حلول ناجحة للحد منه، وأنّ هناك مدعاة للخوف من تفاقم المخاطر التي بدأت في العام 2007 ومنها اشتداد الاحتباس الحراري وهجرة السكان ووقع نزاعات مسلحة تزيد الوضع سوءا.وترى منظمة الأغذية "الفاو" أنّ الحلول في صياغة سياسات أكثر مراعاة لاعتبارات التنوع والتباين في تدعيم إنتاجية صغار المزارعين واستهداف الاستثمارات والسياسات التي تمس الحاجة إليها والكفيلة بتسويق المنتجات التي ينفذونها.