13 سبتمبر 2025
تسجيلالانتصارات والإنجازات التي حققتها المقاومة الفلسطينية في غزة، وخصوصا حركة حماس، في الأيام القليلة الماضية خلفت فرحا غامرا في قلوب السواد الأعظم من الأمة.قال لي صديقي معلِّقا على تغريدة بهذا الفحوى كتبتها عقب العمليات النوعية للمقاومة في مواجهة العدوان الصهيوني على غزة والأداء الرائع لها، والمفاجآت التي أذهلت العدو، قال: "منذ زمن لم نسمع بأخبار تسرّ الفؤاد والخاطر".ولعل وراء هذه الفرحة غير المستغربة أسبابا كثيرة، لعل أهمها:ـ أعادت أداء الفصائل الفلسطينية الرائع للمقاومة ألقها، في مواجهة احتلال مغرور متغطرس، كان يفاخر بجبروته وانتصاراته في المعارك والمواجهات التي يخوضها ضد الفلسطينيين والعرب، رغم عدم التكافؤ في موازين القوى. ولعل ما حدث مؤخرا هو من المرات القليلة التي يشعر الاحتلال فيها بأنه أمام تحوّل نوعي في أداء المقاومة التي آلمته، "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون"، وجعلته يعيد اعتباراته في أي هجوم قادم ضدها، وضد الأراضي الفلسطينية، ويحسب لذلك ألف حساب.ـ ردّت انتصارات المقاومة للأمة شيئا من كرامتها وعزتها، فقد اعتادت الأمة في منازلاتها ومواجهاتها الأخيرة مع الاحتلال أن ينفرد بها الأخير، اعتقالا وتشريدا وإعمالا للمجازر البشعة، وتلقيا للصفعات وتكبيدا لها في الخسائر، ولعل من أسباب ذلك الركون منذ عقود إلى ما يسمى بعمليات السلام، واتفاقيات الذلّ المصاحبة لها، والتعاون الأمني مع الاحتلال، مع ما يلاقيه هذا التوجه من دعم أنظمة عربية متصهينة أو مستكينة. ـ لأول مرة في عصرنا الحديث تلتقي إرادة الربيع العربي ضد الأنظمة المستبدة مع إرادة مناهضة الاحتلال، في وقت واحد، لتعيد للأمة حقها المسلوب وكرامتها المهدورة منذ عقود، ولا شك أن أي انتصار لطرفي هذه المعادلة سيثلج صدر الطرف الآخر، لأنه سينعكس إيجابا عليه، ويسهم في توفير الدعم المعنوي وربما المادي له، لأن الانتصار على الظلم تصبّ أهدافه في نهاية المطاف في مرمى واحد. ـ انتصارات المقاومة التي حققتها ومازالت، بتوفيق من الله وبعزائم المجاهدين الصادقين، تكتسب أهمية خاصة هذه المرة، نظرا لأن الله أخزى بعض الأنظمة العربية التي وفرت غطاء سياسيا للعدوان الصهيوني وباركته، كما أشارت تقارير استخبارات دولية، ولأن كثيرين من الذين حسبوا أن غياب الدعم الإيراني والسوري عن المقاومة، وغياب دعم أنظمة الربيع العربي (كنظام الرئيس مرسي) سيفتّ في عضد المقاومة، وسيلحق بها هزيمة نكراء، لكنّ الله خيب آمال الجهات التي سبق ذكرها، وأثبتت المقاومة بحسن توكّلها على الله وحسن إعدادها وتدبيرها في السنوات الماضية، أنها قادرة على صنع المفاجآت المذهلة، بإمكانات ذاتية وأخذ بالأسباب: "ومن يتوكل على الله فهو حسبه". ـ الحراك الأخير وما تحقّق من إنجازات نتيجة له، جسّد الصورة النقية للمقاومة، وكشف الفرق بين المقاومة الشريفة بحق من جهة، وبين أدعياء محور الممانعة والمقاومة الذين يدعمون الأنظمة المستبدة، ويقفون إلى جانب جلاديها ويساهمون في قتل أطفالها من جهة أخرى. منذ عقود ثمة من يدّعي المقاومة من الأنظمة العربية، كالنظام السوري، رغم أنه لم تُطلق طلقة واحدة عبر حدوده، وكان ضد الفصائل الفلسطينية في لبنان، وعمل على الإثخان فيها، وثمة من ألصق نفسه بالمقاومة من الأحزاب والجماعات، ثم التقى مع الأنظمة المستبدة وأسهم في إجهاض ثورة شعب وشارك في قتل الأبرياء تحت غطاء دعم محور الممانعة، والكلام هنا عن حزب الله، ثم هو الآن يواصل دعم هذا النظام، ويكتفي بموقف المتفرج من المجازر التي تتعرض لها غزة، دون أن يكلف نفسه عناء إطلاق صاروخ من الصواريخ التي طالما تباهى بإمكانية وصولها إلى ما بعد حيفا. وفي المقابل خسرت حركة حماس دعم النظام السوري والإيراني منذ سنتين بسبب رفضها تأييد نظام الأسد في قتل شعبه، ورفضه للإصلاحات السياسية، لتؤكد بصورة مشرقة أنّ المقاومة لا تلتقي مع الاستبداد، وترفض أي مساومة على ذلك، وتعرّي بمواقفها المبدئية وانتصاراتها أدعياء الممانعة والمقاومة. ـ قد يكون من الإفرازات المحتملة لهذه الانتصارات إمكان تحقيق مكاسب سياسية للمقاومة، لعل من أهمها كسر الحصار عن غزة وإطلاق سراح الأسرى، إن شاء الله. ـ وأخيرا تعكس فرحة الشعوب بانتصارات المقاومة الراهنة فخرها بأحد مكوناتها المهمّة التي تدافع نيابة عنها وعن شرفها وأمنها ووجودها، تماماً كما تفرح العائلات والدول بأبنائها المتميزين علميا أو فكريا، فتحقيق النجاح والتميز والإنجازات الواضحة في كل أمر من الأمور مدعاة للسرور والارتياح والغبطة.