12 سبتمبر 2025
تسجيل◄ ما مشروعية وحدود نظر كل من الرجل والمرأة إلى بعضهما عند الشروع فى الزواج؟► الحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه وبعد يقول تعالى" وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ.. "ويقول سبحانه: {وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ}، فيه إشارة إلى نظر الإنسان إلى المرأة التي يريد أن يتزوجها فإن أعجبه حسنها ودلها وسمتها فليتزوجها، وقد تعجب المرأة الإنسان ولا تعجب غيره، فالجمال شيء نسبي، ولكل إنسان اختيار معين، فقد يرضيك ما لا يرضي غيرك، ويرضي غيرك ما لا يرضيك. وهذا من محاسن الشريعة العظيمة، فلا يجوز أن يضيق على الإنسان الذي يريد أن يتزوج امرأة بألا ينظر إليها استصحابا للأصل، وإنما يبعث أحداً ليراها بدلاً عنه، إذا تعذر عليه أن يراها، ولربما بعث امرأة لتنظر إلى من يريد أن يتزوج بها؛ فلما رجعت فربما وصفتها له على حسب ما رأتها، فيكتشف عند الدخول بها أنها على خلاف ما وصفت، وقد ذكرنا أن الجمال أمر نسبي متفاوت، لهذا الأولى أن ينظر هو، لأن الناس يختلفون، قد تكون المرأة جميلة عند شخص وغير جميلة عند شخص آخر، الرغبات تختلف والنظر يختلف، ولولا اختلاف النظر لبارت السلع، — كما يقولون — إذا جاز الوصف هنا — والأمر كذلك بالنسبة للمرأة فلها أن تنظر وترى، فإذا تعذر عليها أن تراه فلها أن ترسل رجلاً يتعرف على خطيبها، ويخبرها بصفاته وأخلاقه. بَل هِيَ أَوْلَى مِنْهُ فِي ذَلِكَ لأِنَّهُ يُمْكِنُهُ مُفَارَقَةَ مَنْ لاَ يَرْضَاهَا بِخِلاَفِهَا. والله أعلم"المرأة يعجبها من الرجل ما يُعجب الرجل منها.◄ ما الأدلة التي تشهد على أن المرأة يُعجبها من الرجل ما يُعجب الرجل منها؟► ما لا شك فيه أن المرأة يعجبها من الرجل ما يُعجب الرجل منها وأنها تنظر من الرجل ما ينظر الرجل منها والآية الكريمة الآتية تُظهر أن هذا الحق مشترك بين كل من الرجل والمرأة قال تعالى "وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ"وفى الحَدِيثِ عن ابْنِ عَبَاسٍ — رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا — قَالَ: {إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِي" استنادا لهذه الآية الكريمة الآنفة الذكر. — لما خرج محمد بن الحنفية — رحمه الله — إلى الناس في حلة حمراء أنكروا عليه، فقال: هذا ألقته علىّ أهلي، وإنهن يحببن منا ما نحب منهن.ولما دخل عثمان — رضي الله عنه — بامرأته، فرأت به منه الشيب، ففطن لها عثمان رضي الله عنه، فقال لها: إنما وراء الشيب ما تحبين. وللنساء في هذا تمييز ونظر وميل إلى الأشب فالأشب؛ لأن نهمتها في الرجال؛ لأنها خلقت من الرجل.ومن السنة النبوية المطهرة عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ امْرَأةً جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ — صلى الله عليه وسلم — فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ لأهَبَ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ — صلى الله عليه وسلم — فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأتِ المَرْأةُ أنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئاً جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أصْحَابِهِ فَقَالَ: أيْ رَسُولَ اللهِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا". متفق عليه — أخرج الإمام البخاري — رحمه الله — تحت باب النظر إلى المرأة قبل التزويج بسنده إلى عائشة — رضي الله عنها — قالت: قال رسول الله — صلى الله عليه وسلم: "أريتك في المنام يجيء بك الملك في سرقة من حرير، فقال لي: هذه امرأتك، فكشفت عن وجهك الثوب، فإذا أنت هي، فقلت: إن يك هذا من عند الله يُمْضه" — عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَظَرْتَ إِلَيْهَا؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَاذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا» — عَنْ جَابِر، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ المَرأَةَ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا، فَلْيَفْعَلْ». قَالَ جابر: فخطبتُ جَارِيَة، فكنتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا، حَتَّى رَأَيْت مِنْهَا مَا دَعَاني إِلَى نِكَاحهَا فتزوجتُها». — عن مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةً، قَالَ: خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا، حَتَّى نَظَرْتُ إلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا، فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ مِنْكُمْ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا"، انْتَهَى، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ — عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَرَادَ الْمُغِيرَةُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً قَالَ: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا" وفى رواية عبد الرزاق ما يشير إلى أنه قد وقع له من أهل من خطبها مثلما وقع للسائل فعن الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا قَالَ: «اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» قَالَ: فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَخَطَبْتُهَا إِلَى أَبَوَيْهَا وَخَبَّرْتُهُمَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَأَنَّمَا كَرِهَا ذَلِكَ، فَسَمِعْتُ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَهِيَ تَقُولُ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَكَ بِذَلِكَ أَنْ تَنْظُرَ فَانْظُرْ، وَإِلَّا فَإِنِّي أَنْشُدَكَ، كَأَنَّهَا أَعْظَمَتْ ذَلِكَ قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا، فَذَكَرَ مِنْ مُوافَقَتِهَا" وفى رواية سعيد بن منصور ما يشير فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا فَتَزَوَّجْتُهَا، فَمَا نَزَلَتْ مِنِّي امْرَأَةٌ قَطُّ بِمَنْزِلَتِهَا، وَقَدْ تَزَوَّجْتُ سَبْعِينَ امْرَأَةً أَوْ بِضْعَةً وَسَبْعِينَ " فى سنن الترمذي: وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ إِلَى هَذَا الحَدِيثِ، وَقَالُوا: لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا مَا لَمْ يَرَ مِنْهَا مُحَرَّمًا، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ "، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»، أي أولى وأجدر أن يجمعَ بينهما ويتفقا على ما فيه صلاحهما، وأكثر ألفة تنسج بينهما، يُقال آدَمَ اللهُ بَيْنَهُمَا، يَعْنُونَ: الزَّوْجَيْنِ، أَيْ: جَعَلَ بَيْنَهُمَا الْمَحَبَّةَ وَالِاتِّفَاقَ، لِأَنَّه إِذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَعْرِفَةٍ، لَا يَكُونُ بَعْدَهَا غَالِبًا نَدَامَةٌ. وفى حديث كل من جابر ومحمد بن مسلمة والمغيرة — رضي الله عنهم أجمعين — بيان ما كان عليه نساء الصحابة — رضي الله عنهن — من المبالغة في التستر من الرجال الأجانب، ولهذا لم يتمكن واحد منهم من النظر إلى المخطوبة إلا من طريق الاختباء والاغتفال، وكذلك المغيرة لم يتمكن من النظر إلى مخطوبته إلا بعد إذنها له في النظر إليها" نسأل الله تعالى الهداية لنا ولسائر الأمة المحمدية ذكورها وإناثها والله أعلم".◄ ما المواضع التى شُرع للرجل أن ينظر إليها من المرأة عند شروعه الزواج منها؟► ينظر الخاطب إلى وجه المخطوبة وكفيها فقط وإنما خُصَّ الوجه والكفان لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ فِي حَقِّهِ، ولأنهما مواضع ما يظهر من الزينة المشار إليها في قوله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} 1 وهو كذلك قياس على جواز كشفهما في الحج فَيُسْتَدَلُّ بِالْوَجْهِ عَلَى الْجَمَالِ وَضِدِّهِ، وَبِالْكَفَّيْنِ عَلَى سَائِرِ أَعْضَائِهَا بِاللِّينِ وَالْخُشُونَةِ وخصوبة البدن وصحته، ؛، وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31]: إِنَّ ذَلِكَ الْمُسْتَثْنَى هُوَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ، وَإِذَا لَمْ يُمْكِنهُ النَّظَر اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَبْعَث اِمْرَأَة يَثِق بِهَا تَنْظُر إِلَيْهَا وَتُخْبِرهُ، وَيَكُون ذَلِكَ قَبْل الْخِطْبَة ولا يجوز أن ينظر لغير ذلك، ويحرم أن يختلي بها البتة، أو يخالطها في سفر أو حضر، لأن الشريعة الإسلامية جعلت هذا كله محظورا، وينبغى أن يخلص النية عند ابتداء النظر ثم يفوض الأمر إلى الله.