03 نوفمبر 2025
تسجيلإن امتداد الأسرة في المجتمع الإسلامي له أثره، وإن للروابط الاجتماعية لها ما لها من قوة في بنيان المجتمع وتماسكه، فالأب والأم والأخوة والأخوات والأبناء والأعمام والعمات والأخوال والخالات ثم ما يتفرع من هؤلاء جميعاً، كل أولئك لهم مكان في حيز البيت والأسرة في الإسلام، ومن ثم في المجتمع المسلم، وهذه الصورة كلها تسمى الأرحام منها ما هو واجب صلته كالأم والأب والأبناء والأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وآخرون تندب صلتهم وهم ما تفرع من ذلك وقد تجب في بعض الأحوال. وقد حث الله عز وجل على صلة الرحم وحذر من قطيعتها فقال تباركت أسماؤه (واتقوا الله الذي تتساءلون به والأرحام) وقال (فهل عسيتم إن توليتهم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم. أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهُم) وقال (الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون). وقال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم " الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله". وقالت الرحم أيضاً: هذا مقام العائذ بك" ثم إن صلة الرحم تزيد في العمر وذلك بسبب زيادة الركة فيه. وأفضل أنواع الصدقة على الأرحام الصدقة على ذي الرحم الذي يضمر لك العداء لما في ذلك من الانصياع لأمر الشرع بوجوب صلة الرحم ومخالفة هوى النفس الأمارة بالسوء والصدقة على ذي الرحم المصافي الموافق أفضل منها على الأجنبي لأنها صدقة وصلة ولأنه أولى بالمعروف. والصلة لذوي الأرحام في إيصال الممكن مع العون على الحاجة ودفع الممكن من الشر مع طلاقة الوجه والدعاء. وصلة الأم مقدمة على صلة الأب وقد أجمع المسلمون على ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم لرجل سأله: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك) فأكد عليه الصلاة والسلام حق الأم بالصلة ثلاث مرات وفي الرابعة ذكر حق الوالد لأن ما تعانيه الأم من حمل وولادة وحضانة لا يمكن أن يبلغه الأب وقد أخبر الله عن الأم فقال (حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً). وقد خص ما يقدم للوالدين من الرعاية والاحترام والإحسان بأمر عظيم جداً وغاية رفيعة لم يصل أحد من بقية الأرحام، فقد أمر عباده بالتعامل مع سائر الخلق بالعدل وأمرهم بالتعامل مع الوالدين بالإحسان فقال (وبالوالدين إحساناً). وصلة الرحم تجب على المسلم لرحمه وإن قطعوه لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها). وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون لي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك). والصلة تحصل حسب الظرف المناسب للحاجة إليها، كالزيارة والمعاونة على قضاء الحوائج والسلام، وجميع أنواع الإحسان. أما الغني فإن صلته لقريبه المحتاج لا تكفي الزيارة فيها ولا السلام ولا المكاتبة أو المهاتفة بالتهنئة والسلام، إذا كان قادراً على بذل المال لقريبه وهو محتاج إليه وقطع الأرحام يكون بالإساءة إليهم بالقول أو الفعل، ويكون بترك الإحسان إليهم، كقطع المكلف ما ألفه قريبه منه من سابق صلة والإحسان لغير عذر شرعي ومنها تكبر الغني القريب على قريبه الفقير. أما نفقة الوالدين والأولاد والجدات والأجداد والأحفاد فإنها واجبة على الوالدين والأولاد كوجوب الصلاة والصيام، أما غيرهم من ذوي الأرحام وهم غير الفروع والأصول فلا تجب لهم نفقة. وصلة الرحم وحسن الجوار وحسن الخلق يعمرون الديار ويباركون في الأعمار، وخير الناس أتقاهم لله وأوصلهم للرحم وأمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر، فكما أن أسرع الناس عقاباً قاطعها لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما من ذنب أجدر أن يعجل لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة قطيعة الرحم". اللهم يا واصل المنقطعين أوصلنا إليك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين