14 سبتمبر 2025
تسجيلهنالك حاجيات مادية أساسية للإنسان لا يمكنه العيش بدونها، وهي الهواء والماء والطعام. ولا يمكن للإنسان أن يعيش بلا هواء لأكثر من ثلاث دقائق إلا في حالات نادرة قد تصل لخمس أو عشر دقائق! أما بالنسبة للماء فربما يمكن العيش لأسبوع في أعلى التقديرات، وهذه تختلف من إنسان لآخر! أما بخصوص الطعام فإن التقديرات العلمية تشير إلى أن إمكانيات التحمُّل الإنساني للجوع تُقدّر بالأسابيع وليس بالدقائق والساعات والأيام، وقد تصل إلى شهرين في حالة حصل الجسم على كفايته من المياه. وحينما يُحْرم الإنسان من الهواء يختنق، وحينما يُحْرم من الماء يموت بسبب الجفاف، وحينما يُحْرم من الطعام يموت بسبب الجوع. والجوع إحساس مزعج لنقص الطاقة الكافية لتغذية خلايا الجسم. وهذه الحالة تضعف النظام العام في الجسم بسبب نقص السعرات الحرارية! وتؤكد الأمم المتحدة أنه من المتوقع أن يواجه أكثر من 600 مليون شخص في العالم معضلة الجوع في العام 2030! والجوع ليس فقط بسبب نقص المواد الأساسية للحياة وفي مقدمتها الحنطة والأرز والذرة، ولكن بسبب السياسات الشريرة الهادفة للحفاظ على أسعار الحبوب، والهيمنة على مقدّرات وإمكانيات الشعوب الضعيفة، وكذلك بسبب الفساد الإداري الذي يدمر الاقتصاد المحلي، وينعش الاقتصاد الأجنبي! ومن أسباب الجوع البارزة، وبالذات في بلداننا العربية، هو الهدر في الطعام، وقد أكد تقرير «مؤشر هدر الغذاء» التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، الصادر بداية العام الحالي، أن نحو 931 مليون طن من الطعام تهدر سنويا! وأكد ذات المؤشر بأن الأسر أهدرت في جميع القارات أكثر من مليار وجبة يوميا عام 2022، في حين تضرر 783 مليون شخص من الجوع! والمؤلم أن متوسط إهدار الفرد العربي الواحد للطعام في السنة وصل حَدّ 100 كيلوغرام بأكثر من 40 في المائة من المعدلات العالمية، وفقا لمؤسسة “فيتش سوليوشنز” المتخصصة. وهذه الكميات الهائلة من الطعام العالمي والعربي المهدور كافية لإطعام الفقراء في العالم، فكيف يمكن تَفَهُّم الأمر وهنالك فقراء في ذات الأماكن التي تهدر فيها مئات أطنان الطعام؟ وسبق لمنظمة «أوكسفام» (Oxfam) الدولية أن قالت بأن حوالي 11 شخصا يموتون كل دقيقة بسبب الجوع وسوء التغذية في العالم! ووفقا للتقرير العالمي حول الأزمات الغذائية الصادر نهاية نيسان/ أبريل 2024 واجه أكثر من واحد من كل خمسة أشخاص في 59 دولة انعدام الأمن الغذائي الحاد عام 2023. ولا يذكر الجوع اليوم إلا ويذكر أهالي غزة الذين ينتظرون الموت بالقنابل الصهيونية الإرهابية والحصار الاقتصادي الخانق. وبسبب الحصار الصهيوني القاتل على غزة توقع مارتن غريفيث وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، يوم 12 حزيران/ يونيو 2024، بأن نصف سكان غزة يواجهون الموت والمجاعة بحلول منتصف يوليو/ تموز المقبل! ويبدو أن أطفال غزة هم الضحية الأكبر في حرب التجويع حيث أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» في 7 يونيو/ حزيران 2024 بأن 9 من بين كل 10 أطفال في غزة يعانون من نقص خطير في الغذاء! إن محاربة الجوع مسؤولية إنسانية قبل أن تكون مسؤولية رسمية حكومية دولية أو داخلية، ولهذا ومن أجل حماية الإنسان على كوكب الأرض ينبغي العمل للقضاء على الجوع كُلٌ في منطقته ومحلته ومدينته ووطنه، وبالتالي، وبتكاتف الجهود، نكون قد سرنا على الطريق الصحيح والآمن والعلمي للقضاء على الجوع عبر محاربة الهدر بالطعام، وترتيب الطعام المتبقي لإطعام الفقراء وبأساليب حضارية تحفظ كرامة الفقراء وتصون إنسانيتهم! حاربوا الجوع بثقافة الاقتصاد، ومد يد العون للفقراء! ولا ننسى أن المبذرين كانوا إخوان الشياطين!