14 سبتمبر 2025

تسجيل

السيارات الصينية

23 يونيو 2024

يُعد صعود شركات تصنيع السيارات الصينية أحد أهم التطورات التجارية في أوائل القرن الحادي والعشرين، حيث تشهد صناعة السيارات التي هيمنت عليها شركات من أوروبا وأمريكا الشمالية واليابان لفترة طويلة تحولاً ملحوظًا، مع دخول السيارات الصينية ذات الجودة المماثلة والتكلفة المنخفضة إلى الأسواق العالمية بكميات متزايدة. وأصبحت الصين أكبر مصدر للسيارات في العالم، خلال العام الماضي، متجاوزةً اليابان. وتعد الصين أكبر سوق للسيارات في العالم، حيث بيعت 22 مليون سيارة في الصين خلال عام 2022، مقارنة بأقل من 13 مليون سيارة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا. كما تُصنَّع حوالي 70٪ من بطاريات الليثيوم في العالم في الصين. ويمكن مقارنة جودة المنتجات الصينية بنظيراتها الأوروبية والأمريكية كما أنها تتفوق على تلك المنتجات في بعض الميزات. وقد وُصِف الوضع الذي يواجه الغرب بأنه «معضلة ثلاثية»، حيث يرغب الغرب في تطبيق مبادئ التجارة الحرة، واستخدام التكنولوجيا النظيفة، وخفض معدل التضخم. والسبيل الوحيد لتأمين هذه الأمور الثلاثة يتلخص في التسامح مع تمتع المصنعين الصينيين بحصة سوقية متنامية في قطاعات التصنيع الرئيسية، وهو ما قد يؤدي إلى الاستغناء عن العمالة وإعادة هيكلة الشركات التقليدية. ومن بين تلك الأولويات الثلاث، تُعتبر التجارة الحرة الأقل أهمية بالنسبة للحكومات الغربية. وكانت إدارة بايدن قد أعلنت خلال العام الحالي عن فرض زيادة في نسبة التعريفة الجمركية على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين من 25% إلى 100%. وفي أكتوبر 2023، فتحت المفوضية الأوروبية تحقيقًا فيما إذا كانت الإعانات الصينية المقدَّمة لصناعة السيارات تشكل تجارة غير عادلة، وقد يتبع ذلك فرض تعريفات جمركية أعلى من قبل الاتحاد الأوروبي. وسيتم تبرير التدابير الحمائية عبر الإشارة إلى القدرة الزائدة، والإغراق، وإعانات الدعم الحكومية، وهناك منطق في هذه الادعاءات، ولكن مثل هذه السمات ليست فريدة من نوعها بالنسبة للصين. ومن غير المرجح أن تؤدي التعريفات الإضافية إلا إلى إبطاء نمو المبيعات العالمية لصناعة السيارات الصينية، بدلا من إيقافها. وبالإضافة إلى ذلك، لا تتعرض السيارات المصنعة محليًا لتأثيرات جوهرية، حيث أعلنت شركة BYD، في شهر ديسمبر الماضي، عن خطط لإنشاء مركز إنتاج في المجر. ويقال إن المصنعين الصينيين يبحثون عن مواقع محتملة في المكسيك، التي تقع داخل منطقة التجارة الحرة في أمريكا الشمالية. وخارج أوروبا والولايات المتحدة واليابان، لا توجد شركات تصنيع سيارات محلية تحتاج إلى حماية، وتحظى السيارات الصينية بالترحيب كوسيلة لتعزيز مستويات النقل والمعيشة مع الحفاظ على انخفاض معدل التضخم. وفي الشرق الأوسط، ستباع السيارة الصالون أو السيارة الرياضية متعددة الاستخدامات صينية الصنع ذات الأداء والجودة الهندسية والراحة المكافئة للسيارة الألمانية أو اليابانية، بحوالي ربع السعر، مع ضمان يمتد لمدة خمس سنوات في الغالب. وتُعتبر صناعة السيارات الصينية حديثة نسبيًا، إلا أن هناك بعض الشركات التي تتمتع بمكانة راسخة، مثل جيلي وBYD. وكانت صناعة السيارات الصينية قد شهدت نموًا أوليًا عبر تزويد السوق الصينية الضخمة بالسيارات المحلية في ظل التطور الاقتصادي للصين. وكانت شركة جيلي قد تأسست في عام 1986. واستحوذت على شركة السيارات السويدية فولفو في عام 2010، وهي مالك حصة الأغلبية في شركة تصنيع السيارات البريطانية عالية الأداء لوتس. وكانت شركة تاتا الهندية قد امتلكت علامتي جاكوار ولاند روفر البريطانيتين لفترة مماثلة، لكن المصنعين الهنود لم يتوسعوا عالميًا على نطاق واسع بنفس الطريقة التي يتوسع بها المنافسون الصينيون. وقد يتعين على المصنعين الغربيين الاستجابة للمنافسة عبر تعزيز الطابع المرتبط بعلامة تجارية متميزة، على غرار الطريقة التي أعاد بها صانعو الساعات السويسريون التقليديون، الذين أربكتهم الساعات الإلكترونية في أواخر القرن العشرين، طرح منتجاتهم باعتبارها علامات تجارية فاخرة، أكثر من مجرد ساعات عملية. ولا يسير اتجاه التصدير كله في طريق واحد، حيث تتمتع شركات صناعة السيارات الألمانية بحضور قوي في السوق الصينية منذ فترة طويلة، ورغم انخفاض حصتها في السوق، إلا أنها تمتلك مراكز بحوث وتطوير محلية وتحظى بتقدير كبير لعلاماتها التجارية. وتتمتع العلامة التجارية الأمريكية Tesla بقدرة تصنيعية وحصة مبيعات معقولة في الصين. وقد بات حجم وتطور قدرات تصنيع السيارات الصينية حقيقة اقتصادية ماثلة للعيان في حياتنا المعاصرة.