30 أكتوبر 2025

تسجيل

لا تنس أن تعيش

23 يونيو 2022

علمونا وما زالوا يكررون "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد" ركزنا على العمل وعدم تأجيله وأصبحنا في صراعٍ وقتي مع الزمن كي ننهي أعمالنا ونكمل أشغالنا ونقطف ثمار عطائنا، تعبنا تألمنا انكسرنا وقعنا وعدنا للوقوف مجدداً بابتسامةِ رضا وثقةٍ بأنه لا بد أن يكون هناك عوض، وبعد التعب سنستريح ونستمتع بما تعبنا لأجله. كل ما سبق صحيح، البعض منا لمس ذلك والبعض الآخر يتأمل خيراً، ولكن هل في سباقك بالحياه تشعر أنك تعيشها أم لا؟! سؤالٌ أكاد أجزم أن الغالبية إن بحثت عن إجابة له ستقف كثيراً باحثةً عن مفردات تفي بالغرض، فنحن نسابق الوقت لننجز أحلامنا ونحقق أمنياتنا ولا شك هي رحلةٌ تمتد حسبما أعطانا الله عمراً وإرادة، لكن خلال هذه الرحلة نمر جميعاً بمحطاتٍ عدة فيها من الجمال كثيراً، ولتفهم ما أقصده عليك أن تتخيل نفسك الآن في رحلةٍ بريةٍ قد يكون الهدف منها استجماما أو عملا أو أي ظرفٍ آخر تختاره أو قد تسترجع رحلةً بريةً قمت بها سلفاً، الهدف كان أن تصل لذاك المكان بعد قطع مسافةٍ زمنيةٍ قضيتها قاطعاً الكثير من الكيلومترات، وصلت وأمورك جيدة فهل تتذكر أنك استمتعت بالمسافة التي قطعتها أم فقط مرّت عليك دون أن تنتبه لما فيها من جمال طبيعةٍ مثلاً، هكذا حياتنا بالضبط، فالكثير منا يضع أمامه هدفاً ويبذل قصارى جهده وسنوات عمره لتحقيقه لكنه لا يعيش حياته بمتعة الأشياء التي توافرت أمامه دون إلحاحٍ منه أو بحثٍ وكأنه آلةٍ مبرمجةٍ عليها أن تُنجز تلك الفكرة التي عُبئت في ذاكرتها الرقمية. مثال آخر قد يكون مر بيوميات أحدكم، مناسبةٌ سعيدةٌ تجمع الأهل أو الأصدقاء، تجد أصحاب هذا الحدث الذي يُفترض أن يكون سعيداً يتأكدون من التفاصيل لدرجة أنهم لا يجدون الوقت للاستمتاع مع ضيوفهم، فهل الضيافة اكتملت وهل جدول الحفل تم تنفيذ تفاصيله وهل ملابسنا متناسقة؟ وماذا عن الإضاءة؟ هل هي كافية؟ وماذا لو تأخر وصول بعض استعدادات المناسبة أو طلب الطعام ووووو. السؤال: بعد هذه المناسبة التي تم تنفيذها وانتهت على أكمل وجه، هل تتذكرون أنكم استمتعتم خلالها بالضحكات العفوية وبالفرح النابع من القلب كما لو كنتم أطفالاً تملأهم البراءة !! قد تكون الإجابة نعم وقد تكون أننا التفتنا بقلق على منغصاتٍ لم تكن موجودة بل اخترعنا وجودها قلقاً وتغافلاً عن اللحظة الجميلة. حياتنا أغلبها هكذا، لا شك أننا نتجاهل أو ننسى أن نحيا الحياة ونحن نعيشها، ألم يقل الشاعر محمود درويش: «وأنت في طريقك للبحث عن حياة، لا تنس أن تعيش».. تلك الوصية الخالدة التي تُعلمك أن الحياة رحلة وليست غايةً، إنها الحقيقة فعندما يتعلق الأمر بالحياة فإن طريقة الوصول إلى الهدف لا تقل أهمية عن هدفك نفسه، أن تعيش حياتك على أكمل وجه هي عملية من شأنها أن تستمر مدى حياتك. لا تشعر بالإحباط إذا أخذت بعض الوقت لتعلم بعض الأشياء، أو إذا واجهت بعض الانتكاسات. فهذا جزء طبيعي من الحياة، ففي ظل ما نضعه من أهداف أمامنا وما يُتوقع منا أن ننجزه من عائلاتنا أو عملنا أو محيطنا العام نميل إلى الإملاء على أنفسنا بأننا "ينبغي" أن نفعل هذا وننجز ذاك، بينما كلمة "ينبغي" يمكن أن تؤدي إلى كثير من الحزن وعدم الرضا، لذا فالتخلص من مثل تلك الإملاءات ونبذها من حياتك سيساعدك أن تحيا الحياة على نحو أمثل. اسأل نفسك الآن وبعد أن أتعبك السير والجري حتى انقطع نفسك في كثير من الأحيان (سنواتك التي باتت خلفك فيما أفنيتها، وساعات الرحلة هل بقي منها ذكريات تدفعك للابتسام على الأقل أو الحديث عنها وأنت مبتهج؟!) أخيراً،، عش حياتك ولا تستكثر الفرحة على نفسك ولا تخبئ الفرح ليومٍ قد يتأخر موعده كثيراً أو يمضي العمر دون أن تحياه. [email protected]