13 سبتمبر 2025
تسجيلأنا قطري ولكن كان بالإمكان أن أكون غير ذلك، أنا أبيض ولكن كان بالإمكان أن أكون غير ذلك، أنا عربي وكان بالإمكان أن أكون من عرق آخر، أنا مسلم وكان بالإمكان أن أكون من دين آخر، أنا من قبيلة وكان بالإمكان أن أكون من قبيلة أخرى، ومن عائلة معينة وكان بالإمكان أن أكون من عائلة أخرى. وهكذا بين الضرورة والامكان والخلط بينهما يحدث الخلل وتصدر الاحكام الخاطئة. الضرورة «الواقع» هو جزء من الامكان، وليس كل الامكان وليس العكس صحيحاً، كما هو شائع عندما نصدر الاحكام انطلاقاً من واقعنا او من الضرورة التي نعيشها على غير ذلك من ظواهر العالم، وجودنا اساساً جزء من العدم الكبير الذي سنعود اليه، لذلك محاولة التأسيس الدائمة هي مثار للخطأ، حتى الهوية الثابتة كالجنس واللون هي جزء من امكان اوسع، كما ذكرت كان بالامكان ان يكون الشخص منا من جنس اخر او لون اخر، فما بالنا بالهوية الانسانية الثقافية الاجتماعية من الخطأ التأسيس لها، ولكن يمكن ادراجها في مجال التكوين، حيث التكوين بناء وليس تأسيساً ثابتاً، التفكير انطلاقاً من الامكان يساعد على حياة اجتماعية انسانية عظيمة، لو استشعر الغني أنه بالامكان ان يكون فقيراً، او القوي أن يكون مريضاً، أو صاحب الجاه أن يكون معدماً، أو صاحب المنصب ان يكون بلا منصب او وظيفة. نحن جزء من عالمنا، وعالمنا جزء من كون اكبر، وكوننا ربما جزء من أكوان اخرى، نطاق الامكان اوسع كثيرا من نطاق الضرورة والمتحقق والواقع، ليتنا ندرك ونحن ننطلق في حياتنا بمسمياتنا وألقابنا ومناصبنا وثرواتنا اننا جزء من متحقق صغير فقط من فضاء وإمكان اوسع كثيراً، فلا نتصرف وكأن الامكان جزء منا ولا نطلق الاحكام عليه من ضرورتنا وواقعنا الصغير، فالفقير امكانك الاخر ايها الغني، والمريض امكانك الاخر ايها الصحيح، والمواطن الصغير امكانك الاخر ايها الكبير. ليتنا نعيش الامكان الاخر لوجودنا حتى ندرك قيمة وجودنا، ونسعى من خلاله إلى احترام وتقدير كل منا للآخر، انطلاقاً من ان وجودنا ليس سوى امكانية لوجود الاخر والعكس صحيح.