23 سبتمبر 2025
تسجيللعّل ما تعانيه أغلب شعوب العالم العربي الآن من جور وطغيان واستبداد الأنظمة التي تحكمهم ليس غريباً، فالتاريخ يعيد نفسه. ألم نسمع عن النمرود أول جبار في الأرض وطغيانه وأدعائه للنبوة، الذي قال « أنا ربُّكمْ الأَعلى» وقال: « ما أُريكم إلاّ ما أرى « وقضى عليه الموت ببعوضة مكثت في أنفه أربعمائة عام. ألم نقرأ عن فرعون مصر الذي كان مثلاً صارخاً للاستبداد والطغيان والاستخفاف بعقول الناس، والذي قال لقومه: « وما ربّ العالمين « فأغرقه الله في اليّم هو ومن معه. ألم ندرس في كتب التاريخ عن طغاة العصر الأموي والعباسي الذين يتصفون بالنزعة الدموية الاستبدادية ضد شعوبهم، أباحوا الدماء ومثلوا بالجثث، وعقروا بُطُون الحوامل وفتحوا أبواب السجون والمعتقلات للذين لايتبعون دينهم، ولايقولون لهم سمعا وطاعة، ويمارسون معهم أنواع التعذيب، فهذا معاوية كما قيل « كان يأمر بقطع أيدي وأرجل السجناء بالساطور، ويقلع أعينهم دون رحمة». …. فما أشبه اليوم بالبارحة، فهذا النموذج الاستبدّادي الأموّي والعباسي نراه الآن يقع أمامنا، ويتمثل أمام أعيننا، تنقله لنا القنوات الفضائية من داخل السجون والمعتقلات والشوارع أثناء الاحتجاجات والمظاهرات، لتقدم لنا صورة سيئة ونموذجا مشوها وإرهابيا للإسلام بسياط الأنظمة التي تتحكم في شعوبها ومصائرهم وانتهاك حقوقهم. فكم من حاكم عربي شرب كأس الذل والهوان والعار عند موته نتيجة استبداده وطغيانه ودمويته التي مارسها ضد شعبه، وليس أدل على هذا النموذج ماحدث للأنظمة في اليمن وليبيا والعراق نهاية مؤسفة ومؤلمة لأنظمة لم تدرك الطريق الصحيح في مسايرة شعوبها فحكمت بالسوط، وإسالة الدماء، وانتهاك الحقوق، نسوا قوله تعالى في كتابه « أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى « مخلفة وراءها شعوبا تعاني الفقر والجهل والمرض، ودولا تعيش الفوضى والاضطراب، ومازال المنهج الاستبدادي قائماً في أغلب دولنا العربية، حيث السجون والمعتقلات مليئة بسجناء من الدعاة والمفكرين والسياسيين والمتظاهرين، مصر والسعودية نموذجا، لتعطي العالم صورة سيئة عن الإسلام وسلوك المسلمين، بالرغم من التطور والاختلاف الثقافي والمعرفي بين إنسان العصور الأولى وإنسان العصر الحالي وما حققه من علم ووعي يرتقي بأخلاقيات الإسلام،إلا أن المنهج الاستبدادي والطغياني مازال مستمرا. بالرغم مما يتصف به ديننا من سلام وتسامح. …. فبالأمس تناقلت الفضائيات الإعلامية بإختلافها خبر وفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي رحمه الله، الذي سبقت رحمة السماء مشنقة الظلم، لتؤكد لنا قوله تعالى: « إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ» كان قلبه معلقا مع الله فكان الله معه، ارتقت روحه إلى السماء قبل أن تتلوث بصوت الإدّعاءات الكاذبة ومطرقة وسندان المحكمة، أخرجه الله من عتمة السجن إلى نور السماء، ومن أنياب العذاب إلى فسحة الأمل، وقف بكل ثقة في قفص الاتهام دون جرم ارتكبه، ذنبه أنه أصبح رئيسا عن طريق صناديق الاقتراع، دون احترام لتعاريج الزمن التي رسمت خيوطها على محياه، ليعطينا وضعه من بداية سجنه حتى وقوفه في قفص الاتهام ومابينهما من حرمان وتعذيب، نموذجا لتصرفات الحاكم المستبد الفرعوني الظالم، الذي لايخاف الله في شعبه، سجن انفرادي ست سنوات تعذيب مستمر، حرمان من كتاب الله، ومن الرعاية الطبية، ومن الزيارات العائلية، ومن الصلاة عليه بعد وفاته في مساجد الدولة وغيرها من صور الظلم، الذي يمارسه النظام السيسي المستبد مع أبناء وطنه الأحرار، لتدخل هذه الصور في إطار الإرهاب الذي تمارسه الأنظمة مع من يعارضها كما هو الإرهاب في مقتل الكاتب السعودي جمال خاشقجي الذي كان ضحية حرية القلم الذي يمثل خنجرا للأنظمة الاستبدادية،، فالتاريخ لايرحم الطغاة الذين يمارسون الظلم تجاه شعوبهم، ويعيثون في الأرض فسادا وترفاً،. ولاننسى قوله تعالى: { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُون إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ }. [email protected]