12 سبتمبر 2025
تسجيلفي حياة كل واحد منا حقائق وأوهام تعيش في عقله وخيالاته ويستجلبها بين حين وآخر ويعايشها بتفاصيلها أحياناً ولكنها لا تخلو من أن تكون أوهاما وقد تصبح حقيقة.عندما أقرأ عن العقل الواعي واللاواعي وسحر هذا وذاك وتفاعلاته مع الحياة فلاشك أنني أعود لأفهم لماذا قال الرسول الكريم (تفاءلوا بالخير تجدوه) والله يقول في الحديث القدسي (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء) فكل تلك الأبحاث والدراسات والفلسفات اختصرها رسول الأمة الأمي في كلمات علمناها ولكننا لا نطبقها وكل هذا لا يعني الغرور والقنوط والتواكل والعمل بالظنون والأوهام والتخيلات ولكنها عنصر مغذي ومحفز داخلي يقود الإنسان نحو أهدافه.والتفكر في الأحداث والحياة يقودني بأني لم أر حقيقة نعتقد أنها وهماً مثل الموت وليس هناك مرارة أشد من نكران الجميل ولا أقسى من الظلم وليس هناك ألذ من العفو ولا ألطف من الصبر وليس هناك أمر يضر صاحبه مثل الأنا والثقة رأيتها كنزاً يتداوله الناس فيما بينهم والنوايا تبقى حقيقة الإنسان من خلالها يعمل ويحاسب وهي الذات متى ما صدقت صدقت حياته مع الخالق قبل البشر ولم أجد أسوأ من الحماقة تهلك صاحبها ولم أجد فضيلة يتميز بها البشر أكثر من الحكمة في القول والعمل وليس هناك أجمل من الصدق والحب أكثر وهم نراه حقيقة.وعندما أنظر في مدارس الحياة فلا أجد مدرسة أكثر تقويماً وأسلم منهجاً من مدرسة الضمير الحي الذي لا ينام وأن أجمل واسعد ساعة هي ساعة العدل تعادل سنين الظلم والقهر والحرمان وأن الإرادة مصنع التاريخ أراها كل يوم في طلوع الشمس ونظرات طفل ولهفة عاشق وسكون تائب وصمت الجبال وفي صدح الطيور وأن أفضل لحظات الحياة صدقاً حديث النفس للنفس فهو عذب رقيق لا يجرح وحضن دافئ يهذب العقل ويفرغ القلب من توحشاته وأن الخوف لا يكون إلا من الإنسان نفسه.مشكلتنا الوحيدة في هذه الحياة أننا لم نعرفها لأنها تلهينا بما فيها أحببناها أكثر من أنفسنا ونسينا أننا مهما أكلنا سنجوع ومهما سافرنا سنعود ومهما ضحكنا سنبكي ومهما أحببنا سنفارق ومهما كرهنا سننسى ومهما جمعنا فإنا مفلسون ومهما علمنا فإنا جاهلون وتجاهلنا حقيقتنا في هذه الحياة فننظر للمستقبل ونسينا أنه ماض فينا.النفس البشرية لن تستريح في هذه الحياة مهما عملنا فلم يخلقنا الله فيها لنستريح بل هي دار عمل مستمر لا يتوقف في كل أمر ولكنه في ذات الوقت وضع لنا القانون الصحيح الذي نسير عليه ومن دونه شقاء ولهاث واختزل كل ذلك في كلمتين فقط قالها رسولنا (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) والله يقول لأعظم البشر (وإنك لعلى خلق عظيم) فالحياة قانونها أخلاق فأعظم رجل في التاريخ وحبيب الله ومصطفاه ونبي الرحمة لم يصفه الله إلا أنه على خلق عظيم لا مال ولا جاه ولا نسب ولا علم بل أخلاق جعلها الله وصفاً لمن اصطفاه وأحبه.