13 سبتمبر 2025

تسجيل

أهمية تذليل عقبات المصالحة

23 يونيو 2011

تأجيل اللقاء بين الرئيس عباس وخالد مشعل للاتفاق على من يشكل الحكومة، لم يأت نتيجة لضيق وقت أحدهما, وإنما لإعطاء الفرصة لمزيد من المشاورات، مثلما صرح عزام الأحمد، الأمر الذي يعني أن عقبات جدية تعترض طريق المصالحة. بالتأكيد لم يشك فلسطيني أو عربي في أن صعوبات تحقيق المصالحة، هي أمر جدي, وأن العودة إلى الوحدة الوطنية الفلسطينية هي طريق شائك، لكن بالإرادة وحدها يمكن تذليل كل الصعاب، وبالإصرار على تجاوز الانقسام يمكن الوصول إلى حلول وسط بين الجانبين. وبالفعل لا مجال سوى للحلول الوسط والقواسم المشتركة, بها يمكن تنفيذ الاتفاق الموقع بين الطرفين في أوائل مايو في القاهرة. من الخطأ أيضا أن يظل أمر الوصول إلى التنفيذ , مرهونا بالجانبين , فمن الأجدى والأسلم والأصح مشاركة باقي فصائل الثورة الفلسطينية في المباحثات المتعلقة بتطبيقه, فهذه المشاركة هي عامل بناء لا هدم, هكذا يتوجب أن تفهم وهكذا هي بالفعل. من زاوية ثانية، فإن الوقت لا يرحم، فالاستهداف الصهيوني يطال كافة الفلسطينيين بلا استثناء, كما هو منصب على تيئيسهم من فصائلهم الوطنية, في ظل المزيد من الاستيطان ومن تهويد القدس والمضي بعيدا في مصادرة الحقوق الوطنية الفلسطينية, والإيغال في فرض الاشتراطات الإسرائيلية الجديدة, والأخيرة هي نتاج عقلية صهيونية شايلويكية ابتزازية مستمرة لكسب من التنازلات التدريجية ليتم فرضها على الفلسطينيين بداية ومن ثم على العرب ثانية. عندما رفع شعبنا الفلسطيني شعاره: الشعب يريد إنهاء الانقسام , وكافة الشعارات الشبيهة الأخرى، كان يدرك صعوبة تحقيق المصالحة، لكنه يدرك في ذات الوقت ما يعنيه بقاء الانقسام من مخاطر جدية كبيرة على الحقوق الوطنية الفلسطينية وعلى عموم المشروع الوطني، ويدرك أيضا: إمكانية الوصول إلى القواسم المشتركة وبخاصة أن الظروف تقتضي تجاوز الانقسام وبخاصة: أولا: وضوح آفاق الحل الإسرائيلي, وهو ما نراه صوب أعيننا من لاءات تزداد مع مضي الوقت, وبخاصة أن استطلاعات الرأي في الشارع الإسرائيلي تشي بأن الأوضاع في إسرائيل تتجه نحو اليمين والتشدد، فتبين نتائج استطلاع أجراه معهد " داحف " بطلب من المركز " المقدسي للشؤون العامة والسياسية " برئاسة د. دروي غولد أحد أكبر معاوني نتنياهو, بالنسبة لما أسماه الفحص (النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني) ونشرته الصحف الإسرائيلية منذ فترة قريبة: أن 77% من الإسرائيليين (اليهود) لا يوافقون على انسحاب إسرائيل من خطوط 67 مع تعديلات حدودية طفيفة (هم يريدون كل الأرض!) , حتى وإن جلبت مثل هذه الخطوة اتفاق سلام مع الفلسطينيين، وإعلان الدول العربية عن إنهاء النزاع مع إسرائيل. إن 85% يؤيدون بقاء القدس المحتلة موحدة تحت حكم إسرائيلي , وأن 75% من المستطلعين يعارضون نقل المسجد الأقصى إلى سيطرة فلسطينية, حتى لو بقيت إسرائيل هي المسؤولة عن الأمن , في إطار اتفاق (سلام) يبقي حائط البراق في يد إسرائيل. كذلك يبين أن 72% من المستطلعين لا يوافقون على التنازل عن الحرم الإبراهيمي في الخليل, قبر راحيل (مغارة الماكفيلا) مع إبقاء حائط البراق بيد إسرائيل. هذا بالإضافة إلى سن المزيد من القوانين العنصرية في الكنيست. جدير ذكره أيضا أن استطلاعا للرأي أجرته جامعة حيفا في مايو الماضي، وقالت نتائجه بأن اليمين في إسرائيل سيحقق زيادة بين السكان اليهود تتراوح بين 62%-65% من الإسرائيليين, وذلك في عام 2030 وأن 75% لا يوافقون على الانسحاب من غور الأردن. جدير ذكره أيضا أن مفاوضات عشرين عاما مع إسرائيل أثبتت عقم ولا جدوى هذا النهج. ثانيا: وضوح آفاق الموقف الأمريكي فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني العربي-الصهيوني، ومضمون هذا الموقف يتمثل في: عدم مغادرة حدود وجهة النظر الإسرائيلية، أن أي تأييد للحقوق الفلسطينية هو ليس أكثر من تأييد لفظي، لا يستمر طويلا، ويجري التراجع عنه، إن آجلا أو عاجلا، هذا ما أثبتته التجربة مع الرئيس الأسبق كلينتون والرئيس السابق جورج بوش الابن، والرئيس الحالي أوباما، وهناك أدلة كثيرة على صحة ما نقول يعرفها القاصي والداني. ثالثا: إن الساحة الفلسطينية على أبواب خوض معركة سياسية في الأمم المتحدة في أيلول القادم، هدفها كسب الاعتراف الدولي بدولة فلسطينية على كامل حدود 4 يونيو عام 1967. هذه المعركة الدبلوماسية لن تكون سهلة, وبخاصة في ظل الرفض الأمريكي لها وتداعياته المتمثلة في ضغوط كبيرة وقوية تمارسها الإدارة الأمريكية وستمارسها على حلفائها, وبخاصة الدول الأوروبية، والعديد من دول العالم. هذا الأمر يقتضي وحدة وطنية فلسطينية، حقيقية، راسخة، وقوية، وهذه لن تتأتى إلا بالمضي قدما في تحقيق المصالحة الوطنية على أرض الواقع. الحالة الثورية العربية يمكن تصليب الموقف الفلسطيني بها, كما أن المصالحة هي مطلب شعبي فلسطيني وقومي عربي أيضا, وهي مطلب كل القوى الدولية المساندة للقضية الفلسطينية. انطلاقا من كل ذلك ومن أسباب أخرى غيرها، لا يجوز التواني عن تحقيق المصالحة ولا عن تذليل كافة العقبات في طريقها.