12 سبتمبر 2025
تسجيلدأبت سياسة دولة قطر منذ نشأتها أن تتخذ مواقف ثابتة وواضحة إزاء القضايا العربية والإقليمية والدولية، وكانت وما زالت تتسم بالوضوح والمصداقية حتى لو كانت تبعاتها عكسية على العلاقات بينها وبين دولة أو منظمة أو أي جهة كانت، ترى دولة قطر بأنها تنتهك حقوق الأفراد والشعوب، وهو ما قد لا يروق للكثير من الأنظمة التي تعودت على اتباع الدول سياسة غض النظر تجاه خرقها وتجاوزها للأعراف والمبادئ المتعلقة بحقوق الإنسان. ولعل موقف دولة قطر من التطبيع مع النظام السوري يجسد الموقف الثابت والمعبر عن سياسة قطر تجاه هذا الملف والذي يرتبط في المقام الأول بالتقدم في الحل السياسي الذي يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق، وتطلعها إلى العمل مع الأشقاء العرب في تحقيق تطلعات الشعب السوري الشقيق في الكرامة والسلام والتنمية والازدهار، وأن يكون هذا الإجماع دافعاً للنظام السوري لمعالجة جذور الأزمة التي أدت إلى مقاطعته، وأن يعمل على اتخاذ خطوات إيجابية تجاه معالجة قضايا الشعب السوري وتحسين علاقاته مع محيطه العربي بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة. هذا الموقف القطري نابع من الوفاء والأمانة التي تقتضيها العروبة الصادقة التي لا تشوبها شائبة ولا تلوثها صور النفاق السياسي والمصالح القذرة التي تدوس على كرامة شعب جبار أصيل قاوم طغيان وعنجهية نظامه وذاق على يديه أصناف التنكيل والاستبداد، هذا الموقف كان لا بد أن يكون بإجماع كل أعضاء جامعة الدول العربية وأن يستمر حتى يزول هذا النظام المجرم الذي قتل وشرَّد ونكَّل بالملايين من شعبه ودمَّر وحرق الأخضر واليابس ليكافأ بعد سنوات الظلام والظلم بإعادة عضويته وشرعيته في جامعة الدول العربية. وأمام ازدواجية المعايير، أصبح صوت الحق واتخاذ المواقف الأصيلة تجاه شعوب مكلومة خروجاً عن السرب وموقفاً لا يتماهى ويتطابق مع موقف الأغلبية التي لا ترى أن حقوق الشعوب «مُقَدّمة» على حقوق الأنظمة كما هو حال الشعب السوري الشقيق مع نظامه! فنُصرة الشعب السوري الشقيق لا تأتي ولا تتجلى إلا من خلال موقف ثابت وصادق كموقف قطر تجاه هذا الشعب الأبي الذي عانى ولا يزال من ظلم وتجبّر هذا النظام المتغطرس، والذي لا شك بأن عودة علاقاته مع الدول العربية ستزيد من غلوّه وإجرامه تجاه شعبه ! ومما يُشعرنا كقطريين بالفخر والاعتزاز هو الموقف المشرف الذي عبَّر عنه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الذي حضر القمة العربية الـ 32 في جدة احتراماً للدولة المضيفة المملكة العربية السعودية الشقيقة وإيماناً منه بأن بلاده مع كل ما من شأنه أن يُسهم في تقوية اللحمة العربية ويناصر قضاياها ولكنه في الوقت نفسه واحتراماً وإجلالاً للشعب السوري الكريم لم يصافح رئيس النظام السوري وغادر قاعة القمة قبل أن يلقي كلمته، وهذه لعمري وقفة نخوة وشرف تجاه شعب شقيق عانى على مدى 12 عاماً ويلات حرب مستعرة لا ترحم من نظام مجرم على شعبه. فاصلة أخيرة الشعب السوري تعوَّد على الخذلان، وكأنه مكتوب عليه ألا يُعول ولا يثق إلا بخالقه سبحانه، لذلك كان شعاره منذ انطلاق ثورته: ما لنا غيرك يالله !