20 سبتمبر 2025

تسجيل

مرشح مجلس الشورى وجود مادي أم ثقافي؟

23 مايو 2021

وافق مجلس الوزراء الموقر على مشروع قانون بإصدار قانون نظام انتخاب مجلس الشورى وإحالته إلى مجلس الشورى. خبر سار بلا شك وفرحة عارمة وجدتها في تويتر "ومبروك يا أهل قطر" لست هنا لأقول غير ذلك، بل على العكس كانت ولازلت أتمنى التقدم في هذا المجال بل وأكثر من كتب حوله حاثاً الدولة في التحرك قدماً لتحقيق ذلك. هناك شروط يجب توافرها في الناخبين والمرشحين وفقاً لأحكام الدستور والقواعد القانونية ذات الصفة الدستورية. ما أود الإشارة إليه هنا بعيداً عن السرد التاريخي للتجربة القطرية الذي أسهب فيه البعض بما فيها من إيجابيات وسلبيات، إلا أنه سرد لا يصل إلى جوهر القضية وهي المعنى الحقيقي لفكرة الانتخابات والفلسفة التي قامت عليها، لابد من الإشارة أولاً أن مجلس الشورى منذ قيامه في بداية السبعينيات من القرن المنصرم كان وجوداً مادياً أكثر منه وجوداً معنوياً، بمعنى أنه لم يكن يعبر عن فكر الأفراد بقدر ما يعبر عن وجودهم ومكانتهم الشخصية في المجتمع، لذلك رأينا التآكل لهذه المكانة الفردية مع رحيل الأفراد وغيابهم. الآن إذا كانت الانتخابات ستقام على أساس مسقط رأس الفرد أو القبيلة التي ينتمي إليها، فنحن لم نحقق سوى تكريس الوجود المادي الذي كان سابقاً ولكن تحت عنوان جديد ولافتة حديثة مبتكرة، لأن أصالة انتخاب العضو ستكون لقبيلته على حساب ثقافته وفكره، وبالتالي سيظل المجتمع لا يبحث عن الكفء بقدر ما يبحث عن ابن القبيلة المخلص والذي يشكل اجماعاً بمفهوم القبيلة. ومنذ الآن وجدت من رشح أسماء ليس لفكرها وثقافتها؛ وإنما لأن ثمة اتفاقا لدى القبيلة بصلاحيته لتمثيلها، هنا يختفي الجانب الفردي الثقافي الذي يحتاجه المجتمع في ظل جانب "التكتل" الذي تحتاجه القبيلة لتقوية مكانتها داخل المجتمع وهذا ليس سوى صورة شعبية انتخابية للوضع الرسمي الراهن للمجلس الحالي الذي لا تكاد ترى الأفراد فيه بقدر ما ترى أو تتحسس الكتلة المادية. إذا كان ولابد من مشروع مسقط رأس الفرد أو القبيلة فإنني اقترح أن يكون ذلك أحد خيارات الفرد لا الخيار الوحيد، مهم جداً أن يكون للمجلس القادم وجود إنساني خارج وجوده المادي الذي يحققه المنصب والمكانة والامتيازات، بمعنى أن يكون بإمكان الفرد أن يترشح داخل منطقته إذا أراد، أو أن يترشح في مسقط قبيلته أو عائلته، بغير هذه المساحة من الحرية، لا أعتقد أننا سنحقق ما كنا نصبو إليه نحو مجلس يخرجنا من الولاءات الأولية التي أصر المشروع على نبذها في الحملات الانتخابية إلا أنه يُعمق جذورها في حالة الإصرار على أن يكون انتخاب الفرد داخل حمى القبيلة فقط ومكان تواجدها الأصلي في البلاد. مرشح المنطقة المسافة بينه وبين الوطن أقرب حتى وإن كان ابن قبيلة هناك مساحة ذهنية يمكن مع الوقت تكريسها بشكل إيجابي، علينا أن نفتح نافذة لوجود إنساني أرقى وهو الوجود الثقافي الذي إذا ما جرى اختزاله سواء في قبيلة أو حتى في أيديولوجيا لم يخترها تحول إلى وجود مادي بحت لذلك من الأهمية بمكان أن يكون للفرد "خيارا" إنسانيا يحقق فيه ذاته بعدما عشنا الفترة الطويلة السابقة، الفرد فيها لم يكن سوى "اختيار" مادي، أرجو أن تكون الفكرة قد وصلت. حفظ الله قطر [email protected]