11 سبتمبر 2025
تسجيلجميعنا تابع ما جرى وما زال يجري على أرض فلسطين الحبيبة من جرائم ومذابح وعدوان من قبل الاحتلال الاسرائيلي، وتابعنا أيضا بيان وقف اطلاق النار الذي اقره مجلس وزراء الكيان الصهيوني المصغر يوم الخميس الماضي، وذلك بعد مبادرة مصر لـ"وقف إطلاق نار متبادل غير مشروط". ولقد نشرت جميع وكالات الانباء العالمية هذا الخبر بهذه الصيغة او بشكل مماثل لها، وكأن قرار الكيان الصهيوني انما جاء لاعتبارات سياسية، ومن موقف قوة لتهدئة الوضع المشتعل والوصول لحلول اكثر سلمية وعقلانية لتجاوز الأزمة. ولكن عندما تتابع ما كان يبث على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي وثقت بالصورة والصوت الانتهاكات والمجازر التي ارتكبها "وما زال يرتكبها" جيش الكيان الصهيوني وأعوانهم من جهة، وردود افعال المدنيين والعسكريين من المحتلين الاسرائيليين على هجمات المقاومة الفلسطينية الباسلة من جهة أخرى، تتجلى لك الحقيقة بأنهم انما انساقوا الى وقف اطلاق النار بعد ما شهدوا بأم اعينهم الاثار السلبية التي خلفتها المقاومة الإسلامية للمجاهدين الفلسطينيين في مجتمعهم بشكل عام، وفي صفوف جنودهم بشكل خاص، فرأينا كيف اخذوا بالصياح والعويل وهم يهربون ويختبئون من مجرد سماعهم أصوات صواريخ المقاومة الفلسطينية وهي تنفجر فوق رؤوسهم، كاشفةً وبكل وضوح مدى هشاشة قوتهم وكذب عقيدتهم العسكرية. وسبحان الله فقبل 1400 سنة نزلت آيات مباركات على خير خلق الله الصادق الأمين الذي لا ينطق عن الهوى تعريهم وتكشف حقيقتهم، ففي سورة الحشر الاية 14 يقول المولى عز وجل "لا يقاتلونكم جميعًا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون"، ففي هذه الاية بيان لحال اليهود عند المواجهة العسكرية مع المسلمين، فهم لا يقاتلون الا من وراء جدر أي من خلف ما يحصنهم ليستتروا به، وذلك لجبنهم ورهبتهم، كما ان "بأسهم بينهم شديد" فهذه حقيقتهم، فعداوة بعضهم لبعض شديدة، لكنهم يتظاهرون بغير ذلك، وهذا الامر انفضح بردة فعل الرأي العام والشارع الصهيوني عندما حمي فوق رأسهم وطيس المعركة، فهم ليسوا على قلب رجل واحد ويتبعون سياسة واحدة، بل هم اقرب الى الفرقة عند المواجهة الحقيقية من الاجتماع والتكاتف. ولست ابالغ ان قلت ان المقاومة الفلسطينية لو اطالت امد المواجهة العسكرية مع العدو الصهيوني لحققت نصرا مؤزرا ولحررت فلسطين، بالرغم من قلة الموارد العسكرية واللوجستية، قياسا بما يمتلكه الكيان الصهيوني من ترسانة أسلحة. وهذا ما ادركه الكيان الصهيوني وأعوانه من المتصهينين الاخرين، فسارعوا الى الهدنة حتى لا تسقط منهم اخر ورقة توت. إن ما حدث في الأيام القليلة الماضية أكد رضوخ العدو الصهيوني رغما عن أنفه، لما يطلق عليه مبدأ "توازن الرعب"، وهو مصطلح استخدم لوصف سباق التسلح النووي بين أمريكا والاتحاد السوفيتي والذي كان نتاج خشية وخوف الفريقين من اشتعال حرب نووية تهلك الحرث والنسل، فالمقاومة الإسلامية في فلسطين اثبتت قدراتها القتالية والعسكرية التي جعلت العدو الصهيوني يهرب من المواجهة الى ما يسمى بهدنة غير مشروطة لوقف اطلاق النار، وذلك حتى يوقف الاستنزاف الذي حدث في موارده المادية والعسكرية والبشرية، والاهم من هذا كله الاثار السلبية الكبيرة في حالة الروح المعنوية لأفراد قواته المسلحة، والتي تعتبر من أهم العوامل في المواجهات العسكرية والتي تبنى على أساسها الخطط والتكتيكات القتالية، فالقوة العسكرية المادية فقط لا تعني شيئا، ولا يمكنها تحقيق النصر اذا لم تكن هناك عقيدة ثابتة وصادقة للمقاتل الذي يستخدم هذه الترسانة القتالية بأن ما يقوم به هو الحق. وفي الختام أقول: انتصر المسلمون في بدر بالرغم من أن ميزان القوى والاحصائيات الحديثة تقول بأن المشركين كانوا يتفوقون بنحو 70% على المسلمين (313 مقابل 1000) كقوة بشرية، وما نسبته 98% كقوة عتاد تمثلت بفرسين فقط للمسلمين مقابل 200 فرس للمشركين، وبالرغم من هذا انتصر المسلمون نصرا مؤزرا هز اركان المعمورة، وذلك بثباتهم وصدقهم لما عاهدوا الله عليه، فالنصر لا يتحقق بحشد القوة العسكرية فقط انما بصدق الثبات على الحق والايمان والتوكل على الله. @drAliAlnaimi