19 سبتمبر 2025

تسجيل

قمة الرياض والفكر المتطرف

23 مايو 2017

شارك حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في القمة الخليجية الأمريكية ، والقمة العربية الإسلامية الأمريكية اللتين عُقدتا في الرياض يوم الأحد الماضي ، وشارك في القمتين الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) الذي يقوم بأول زيارة له خارج الولايات المتحدة منذ انتخابه رئيساً للولايات المتحدة في 20.1.2017، والتي ستأخذه إلى تل أبيب والفاتيكان.وعلى هامش القمة العربية الإسلامية الأمريكية بحث سمو الأمير المفدى مع الرئيس الأمريكي علاقات التعاون الوثيقة التي تربط دولة قطر بالولايات المتحدة الأمريكية ، وسُبل توطيدها وتعزيزها في مختلف المجالات ، لا سيما الأمنية والدفاعية والاقتصادية. وفي القمة المذكورة أكد الرئيس الأمريكي أن " دولة قطر شريكٌ استراتيجي في الحرب على الإرهاب". مشيراً إلى دور دولة قطر في تعزيز الأمن بالمنطقة والعالم. كما أشاد بالدور الذي يقوم به مجلس التعاون لدول الخليج العربية لمكافحة الإرهاب.ولقد جرى خلال اللقاء تبادل وجهات النظر حول آخر المستجدات وتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، حيث اتفق الجانبان على ضرورة استئناف عملية السلام ، بالإضافة إلى مناقشة الملفين السوري واليمني.وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز قد أكد في كلمته في افتتاح القمة على أن " المملكة عازمة على القضاء على تنظيم (داعش) وكل التنظيمات الإرهابية"، وأشار إلى " أهمية اتخاذ خطوات حثيثة لتعزيز شراكة حقيقية بين الطرفين ( العربي والأمريكي) تخدم المصالح المشتركة وتسهم في تحقيق الأمن والسلام والتنمية للبشرية كلها". كما أشار العاهل السعودي إلى أن " الدول المشاركة في هذه القمة تبادل الولايات المتحدة نفس الرغبة في التعاون والبناء لنبذ التطرف والعمل على مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وتجفيف منابعه وإيقاف كل سبل تمويله".إن المشاركة القطرية في هذه القمة والقمة الخليجية الأمريكية تؤكد الموقف القطري الواضح من قضايا الساعة ، ولعل أهمها قضية الإرهاب العالمي ومعوقات التنمية في البلاد العربية والناتجة عن الحروب الأهلية ، والنزاعات العرقية والإثنية ، التي لم تتخلص منها بعض الدول العربية . كما تأتي تلك المشاركة من إيمان عميق بضرورة الحفاظ على علاقات المصالح المشتركة والتسامح بين الأمم ، لأن الخلافات تصنع الحروب ، والحروب تعوق التنمية ومناخات الاستثمار.كما أن " نشر ثقافة التسامح والتعايش البناء بين مختلف الدول والأديان والثقافات وترسيخ هذه المفاهيم والمحافظة عليها وتعزيزها لدى الأفراد والمجتمعات ، " ، كما ورد في إعلان الرياض ، يتطلب وعياً مجتمعياً لمدى تطبيق هذا" الأمل" ، ذلك أن الشعب العربي عانى – ردحاً من الزمن – من رفض الآخر ، بل واتهامه بالكفر والزندقة والمروق ، وانتشرت منابرُ تُكفّر الأديان الأخرى ، بل والشعوب الأخرى التي ليس لها ضلع في أية توجهات سياسية لبلدانهم . ومن هنا نشأت ثقافة الكراهية بين البلدان الإسلامية والغرب ، وزاد من اشتعال أُوارِها ، حريةُ الصحافة في الغرب ، حيث تم استغلال هذه الحرية للتطاول على الرموز الدينية الإسلامية بمقالات صحافية ورسوم كاريكاتيرية ، ما استفز جماعات من المسلمين في الغرب ، وصدرت عنهم ردود فعل غاضبة ، لم يتقبلها المجتمع الغربي في بعض الدول.إذن نحن في حاجة للاتفاق على ( ما هو الإرهاب ؟ ومن هم الإرهابيون؟) وحتى في القمة العربية الإسلامية الأمريكية ظل مصطلح الإرهاب عائماً ، بل وظل بعض الحاضرين في القمة غير متفقين على تسمية (من هم الإرهابيون)!جاء في (مختار الصحاح) أن ( رَهِبَ) خافَ ، وأرهبهُ (أخافَهُ) ، لذا ، فإن الذي يقوم بإخافة الآمنين يُعتبر إرهابياً !؟ لكن المصطلح عربياً أخذ أبعاداً أوسع ، وتم إطلاقه على الجماعات المسلحة التي تُغير على الآمنين – تحت غطاء طائفي أو عقائدي – بقصد الاستيلاء على الثروة والأرض دون وجه حق ، وليس للإخافة فقط !؟ لكن الذين يناضلون من أجل استرداد أرضهم المغتصبة وإثبات حقهم في تقرير المصير لا يمكن بأي حال من الأحوال نعتهم بالإرهابيين نتيجة مواقف سياسية؛ كما يحدث في وسائل الإعلام الغربية منذ نكبة فلسطين عام 1948.وهنا نستذكر المغالطات والافتراءات التي اتهمت دولة قطر فيما يتعلق بالإرهاب قبل فترة قصيرة من زيارة الرئيس الأمريكي للمنطقة ؛ وهو ما فنَّدهُ سعادة الشيخ سيف بن أحمد بن سيف آل ثاني مدير مكتب الاتصال الحكومي ، حيث أشار إلى أن المقالات التي أساءت لدولة قطر مجرد آراء ومغالطات وافتراءات عارية عن الصحة وخاطئة كلياً ، مضيفاً أن الإرهاب ظاهرة عالمية ، وأن دولة قطر مستهدفة كباقي دول منطقة الشق الأوسط من قبل الجماعات الإرهابية التي تهدد أمن المنطقة والعالم بأسره"!فهل ستكون القمة العربية الإسلامية الأمريكية فعلاً (بداية نهاية الإرهاب) كما قال الرئيس الأمريكي ؟ وهل سيضع بيان الرياض حلاً لكل الشرور التي تلحق بالشعوب الآمنة المستقرة؟ وهل سيتم نشر قوائم واضحة بالمتعاملين مع الإرهابيين والممولين لهم؟ وهل سيعمل مركز (اعتدال) لمكافحة الفكر المتطرف – الذي افتتح عشية تلك القمة بالرياض – على كشف الإرهابيين وتقديمهم للمحاكمة ؟ بل ما هي الوسائل التي سيعمل بها المركز لوقف انتشار الفكر المتطرف..وكيف ؟