10 سبتمبر 2025

تسجيل

إعادة الثقة في اليورو وخطى واعدة للأونكتاد

23 مايو 2012

في الوقت الذي تعزز فيه دولة قطر رئيسة منظمة التجارة والتنمية للسنوات الأربع القادمة الروح العالمية للشراكة من خلال صياغة برامج اقتصادية قادرة على التناغم مع مستجدات العصر، فمن جهة أخرى فإن منطقة اليورو تدرس بجدية إنقاذ اليونان من السقوط في أزمة مالية خانقة من خلال بعث الثقة في الأسواق المالية المضطربة. ويتضح من التحليلات الاقتصادية الدولية أنّ أقطاب العالم تدرس تبني رؤى جديدة، للخروج من الديون الأوروبية وتوترات منطقة الشرق الأوسط ومخاوف الأسواق بأفكار تقوم على صياغة مواثيق للشفافية بين الدول، وإعادة دراسة الوضع المالي المنهار وهيكلة الديون بمنهجية، وتجنب زيادة الضغط على الخدمات الاجتماعية والمعيشية بالضرائب. ففي منطقة اليورو لم يتوصل قادة الدول الكبرى حتى الآن لحلول سوى الانقسام بين حل جذري للديون وآخرون بإخراج اليونان من القارة، بينما اتفق صناع القرار على وضع الإجراءات الضرورية، للتصدي للأزمة المالية بإحياء الاقتصاد، ومحاولة موازنة برامج التقشف الأوروبية. ويسعى القادة إلى صياغة خطة شمولية للإنقاذ رغم مخاوف الانقسام التي تسود المنطقة، فالمشكلة تكمن في غياب الشفافية الاقتصادية وإجراءات التقشف الصارمة التي لا تراعي الجوانب الاجتماعية والصحية والمعيشية للأفراد. وشدد هؤلاء على إعطاء الأولوية للنمو والتوظيف وخلق فرص عمل متنامية إلا أنّ الوقت في رأيي قد لا يسعف المجموعة لرؤية النتائج فالحلول الدولية تستغرق وقتاً في البناء ولا تأتي بين يوم وليلة. وما يهدد تكتل العملة الموحدة التي تضم "17" دولة هو الأنظمة المالية المنهارة التي تحتاج إلى إعادة نظر، كما أنّ الضرائب وإجراءات التقشف ونفاذ صبر المواطنين يجعل من الصعوبة التوصل لحلول شافية، بل والمخاوف تزداد من اتساع هوة الانهيار في إسبانيا وإيطاليا. وأجمعت آراء الزعماء الأوروبيين في اجتماعهم على مبدأ مواجهة التحدي، وكبح جماح الموازنات وتعزيز فرص النمو الضعيف، ومراقبة أسواق النفط ومحاولة تلبية الانخفاض فيه حال تذبذب أسعاره. الفكر الاقتصادي اليوم وخبراء التنمية يسعون بكل جهودهم إلى احتواء الانهيار ومنع تفاقمه في دول متفرقة من العالم، ومن جانب آخر.. تدرس قطر بصفتها رئيساً لمنظمة التجارة والتنمية بالأمم المتحدة "الأونكتاد" خلال السنوات الأربع القادمة فرص تعزيز التجارة الدولية في ظل تحديات راهنة، وهي تسير في تناغم وتنسيق مع ما يجري من جهود حثيثة لإصلاح الأنظمة المنهارة، لتلافي أزمات متوقعة من خلال خلق فرص عمل بناءة، وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإيلاء القطاع الخاص اهتماماً نوعياً، وإعادة النظر في الأنظمة الاقتصادية ورسم رؤى تتوافق مع المستقبل بعيداً عن العشوائية والتكرار والنمطية، والتي أوجزتها في توصية وهي العولمة المرتكزة على النمو. فقد ناقشت قطر مؤخراً في الجمعية العامة للأمم المتحدة الدور المطلوب من الدول لبناء أدوار متجددة حيث يشهد الواقع انهياراً حقيقياً وضرورة السعي لتحقيق توازن يهدف إلى معالجة التحديات وتقديم سياسات بديلة وإشراك مؤسسات المجتمع المدني والإنساني وأصحاب المبادرات في التنمية، وزيادة الاستثمارات في القطاعات الإنمائية وتسخير التحول السياسي الراهن في بناء اقتصاد جديد. وتسعى أيضاً إلى خلق نظام عالمي جديد يقوم على مرتكزات التكنولوجيا بصفتها عصب الحياة الاقتصادية في الطاقة والاتصالات والاستثمار، ولم يعد بالإمكان أن يعيش العالم بمعزل عن حدوده مثلما كان في السابق، فقد اختصرت العولمة التجارة في توليفة من الأجهزة المحمولة، أضف إلى ذلك أنّ المصالح المشتركة تقتضي من الجميع أن يتكاتف، وألا ستؤثر تداعيات أسواق المال على الكثير من الدول. وإذا سلطنا الضوء على دول مجلس التعاون الخليجي فإنها سعت بجدية إلى تعزيز أنظمتها المالية والمصرفية، وزيادة استثماراتها في البنية التحتية والطرق والأنفاق والمواصلات والتقنية والطاقة، بهدف تلافي تأثير الأزمة عليها. في دولتنا بدأت فعلياً في تنشيط حركة الاستثمارات في مشروعات الطرق الكبرى، وتوسعة المدن الصناعية، وتحفيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة على النهوض، وزيادة إنتاج الطاقة لتوفير إمدادات كبيرة للمصانع والمنشآت، وهذا يترجم رؤية "الأونكتاد" بشكل واقعي، وهو ما تسعى إلى تحقيقه في الدول النامية والأقل نمواً من خلال تهيئة فرص تجارية واستثمارية ملائمة عن طريق منظمات دولية وهيئات ذات ثقل اقتصادي.