14 أكتوبر 2025

تسجيل

لا تجعلوا من السفهاء قدوات

23 أبريل 2019

ابتليت مجتمعاتنا الخليجية والعربية ببلاء عظيم يتمثل في سلوكيات أخلاقية خطيرة من آثار تطور وسائل الاتصال الحديثة والذكية والتي أفرزت لنا مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت الآن هي الشغل الشاغل لشبابنا وفتياتنا كسرت من خلاله كل قواعد وأصول العادات والتقاليد والتربية الإسلامية التي نشأت عليها الأمة وكانت ولازالت محل احترام الأمم الأخرى لها. ومن المؤلم عندما نرى مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي يتصدرون المشهد ويمثلون واقعاً صنعته مجتمعاتنا وبلغوا فيه مراتب لا يحملها رجال الدين والعلم والثقافة والأدب وحتى العلماء في شتى العلوم لم يبلغوا ولو عُشر ما وصل إليه هؤلاء المشاهير، وهذا الأمر لاشك أنه يعكس واقع مجتمعاتنا المزري والذي رفع فيه مقام الرويبضة والسفهاء والجهلة ممن يروي يومياته بالتوثيق لكل تفاصيل حياته بطريقة رخيصة وابتذال وسطحية لا حدود لها، وطبعاً أنا هنا لا أنكر دور بعض مشاهير السوشل ميديا الذين استمدوا شهرتهم بما يقدمونه من مواعظ وتجارب خيّرة يسعون من خلالها للحفاظ على مكتسبات مجتمعاتهم وما تملكه من مبادئ وسمات خلاّقة وعادات وتقاليد أصيلة لا بد لأبناء هذا الجيل من المحافظة عليها واستغلال جوهرها من أجل بناء مجتمع قوي متماسك إلا أنهم لا يشكلون نسبة كبيرة أمام جحافل السفهاء ممن جعلوهم الناس مشهورين وهم لا ينطقون إلا من مستنقع وحل فكرهم الساقط. وعن هذه البلوى التي أبتلينا بها يقول أحد الغيورين من أبناء مجتمعنا الخليجي والألم يعتصر قلبه: إننا وصلنا إلى مرحلة متقدمة جداً من انعكاس أخلاق مشاهير السوشل ميديا والفاشنيستات على أبناء وبنات مجتمعاتنا، حتى أضحى هؤلاء النكرات قدوة لهم في الحياة، بل وصل الأمر أن كثيرا من الفتيات كرهن والديهن وأسرتهن لأنهم لا يوفرون لهن ما يعرضونه هؤلاء المشاهير من ماركات وعروض على حساباتهم في السناب شات أو في حساباتهم الأخرى في مواقع التواصل الاجتماعي، وأن كثيرا من الزوجات أهلكن أزواجهن بمصاريفهن لكي تصبحن مثل المشهورة أو الفاشينيستا الفلانية !! بل تعدى الأمر إلى أخطر من ذلك بقيام هؤلاء المشهورات وبكل سفالة بإغواء النساء بأن الزواج عبودية وسجن لهن ولا بد أن يتحررن من هذه القيود التي فُرضت عليهن، لترفض من لم تتزوج فكرة الزواج وتطلب من تزوجت واستقرت حياتها ورزقها الله الأبناء الطلاق من زوجها لتأثرها بدعوات هؤلاء السفيهات !! والمنطق يقول إنه يجب ألا نُحمّل هؤلاء المشاهير مسئولية ما يقدمونه من تفاهات وسفاهة وسطحية في مقاطعهم وصورهم وطريقة عرضهم لحياتهم اليومية وما يروجونه من أفكار هدامة لأخلاق المجتمع لأنهم لولا وجود البيئة الخصبة والقبول المجتمعي لهم لما تمكنوا من الانغماس والتوغل في بيوت ونفوس الناس حتى أصبحوا بمثابة الموجهين والقدوات لهم !!ومن المؤسف أن مجتمعاتنا الخليجية تُعاني من مشاهير دخلاء عليها ولا يحملون هويتها الأصيلة ولا ينتمون إلى نسيجهم المجتمعي ولكنهم للأسف عكسوا للعالم بأن هذه الأخلاقيات السيئة والابتذال والانحلال هي حقيقة هذه المجتمعات، بينما الواقع الحقيقي يقول إن مجتمعاتنا محافظة ومتمسكة بدينها وبعاداتها وتقاليدها الجميلة التي كانت ولازالت محل فخر واعتزاز لا بد لأفراده أن ينقلوه عبر حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي وأن ينبذوا كل العادات والمظاهر الدخيلة عليهم وأصبحت تشكل عامل هدم للأخلاق التي نشأت عليها هذه المجتمعات. ◄ فاصلة أخيرة من هؤلاء المشاهير من يدعوا إلى العدل والخلق الحسن والتسامح وهو على أرض الواقع ظالم لزوجته وأبنائه في بيته وعاق لوالديه وأخوته وقاطع لرحمه وذميم خلق ومكروه لدى الناس ويتعامل معهم بشدة وقسوة، فأي حياة يعيشها وهي قائمة على النفاق والتلوّن ؟ أيعقل أن نتخذ من هؤلاء قدوات؟!! [email protected]