12 سبتمبر 2025
تسجيلكثر الحديث عن العمالة الوافدة، فهناك من يعتبرها القنبلة الموقوتة وهناك من لا يعير لها أي اهتمام، ويعتقد بانها ظاهرة عابرة ليس لها أي تأثير سلبي على المجتمع الخليجي، وعلى حسب دراسات مجلس التعاون الخليجي فإن هناك زيادة كبيرة في نسب العمالة الوافدة.ووفقا لدراسة أعدتها الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي حيث تشير تقارير وزارات العمل في هذه الدول ما بين عامي 2001 و2006 إلى أن نسبة هذه العمالة من إجمالي العمالة في مملكة البحرين كانت 58.8 % عام 2001 ثم ارتفعت إلى 79 % عام 2006، وفي المملكة العربية السعودية ارتفعت من 50.2 % إلى 88.4 %، وفي سلطنة عمان زادت من 79 % إلى 81.5 %، وفي دولة قطر طفرت من 53.9 % إلى 84.8 %، وأخيرًا دولة الكويت زادت من 80.4 % إلى 84.8 %، وتشير تلك الإحصائيات الى أن تطور العمالة الوافدة في دولة الإمارات العربية المتحدة بلغ أقصاه وبنسبة 90 % من إجمالي القوى العاملة عام 2006. هذه المعدلات تعتبر كبيرة ولا شك أن لهذه الأعداد آثارا سلبية على المجتمع الخليجي بشكل عام. وهذه الآثار السلبية اقتصادية وثقافية ودينية واجتماعية.وتشير بعض الدراسات حول العمالة الوافدة وتأثيرها على الهوية الوطنية للبلاد حيث يشير (جمال سالم الفخري، 2004) بعنوان التركيبة السكانية في دول مجلس التعاون الخليجي، "توصلت الدراسة إلى أن الخلل في التركيبة السكانية يمس بالـهُـوية والخصوصية الاجتماعية والثقافية وتحويل المواطنين في بعض دول مجلس التعاون الخليجي قليلة الكثافة السكانية إلى أقليات، إلى جانب الانعكاسات السلبية الخطيرة الأخرى".ولهذه العمالة آثار سلبية سياسية تتمثل في تعرض دول مجلس التعاون الخليجى لضغوط بعض المنظمات الدولية للمطالبة بتوطين هذه العمالة ومنحها حقوقها السياسية والنقابية استغلالاً لمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.وهناك الآثار السلبية الاقتصادية تتمثل في نقل العملات الأجنبية من دول مجلس التعاون الخليجي إلى الدول اصحاب العمالة الوافدة. فتعتمد الدول النامية على عمالتها الموجودة في أسواق الدول الغنية كمصدر رئيس للدخل، ومنها الدول الخليجية فالحصول على العملات الصعبة لتمويل تكلفة وارداتها الأساسية، فدولة مثل مصر تلقت عام 2013 ما يقرب من 20 مليار دولار من تدفقات المغتربين مما يعني أن هذه التدفقات تشكل المصدر الرئيس للنقد الأجنبي في مصر. فتشير التقارير إلى أن حجم التحويلات المالية للعمالة الأجنبية فى دول مجلس التعاون عام 2006 قد ارتفع ليبلغ نحو 25.2 مليار دولار وذلك وفقاً للتقرير الاقتصادى العربى الموحد. وتشير الدراسات الى أن 63 % من إجمالى تحويلات العمالة الأجنبية يخرج من المملكة العربية السعودية حيث بلغت 15.876 مليار دولار، فيما جاءت دولة الإمارات فى المرتبة الثانية من حيث حجم التحويلات بنسبة 15 % أى 3.78 مليار دولار.وقد وصــفــت تــلــك الــتــحــويــلات بأنها تشكل استنزافا للمزيد من موارد دول مجلس التعاون وتسرب مخزون كبير من العملات الأجنبية الصعبة إلى خارج بلدانها، وهو الأمر الذي يقرره المراقبون بالتأثير السلبي عاجلا أم آجــلا على مــوازيــن مــدفــوعــات دول المجلس لما يمثله من استمرار نزيف مدخرات اقتصادات دول المنطقة وفــرص ضائعة للاستثمار.ولعل من ابرز تلك الآثار استمرار هيمنة العمالة الوافدة وخصوصـًا الآسيوية منها واستحواذها على هيكل وتركيبة سوق العمالة الخليجية خصوصـًا لدى مؤسسات وشركات القطاع الخاص، وعلى سبيل المثال تستحوذ العمالة الوافدة على 60 — 70 % من فرص العمل في دول مجلس التعاون الخليجي، كما تسيطر نسبة 64.9 % من إجمالي فرص العمل في مملكة البحرين، وهناك 80 % من إجمالي القوى العاملة أجنبية في دولة الإمارات العربية المتحدة.إن هذه الهيمنة أدت إلى تفاقم مشكلة البطالة بين مواطني دول المجلس، بسبب منافسة العمالة الوافدة للقوى العاملة الوطنية في سوق العمل وبلغت كمتوسط عام حوالي 5.7 % على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وتتفاوت نسبة البطالة من دولة لأخرى ويبلغ المتوسط العام للبطالة في مملكة البحرين 6.3 % وفي المملكة العربية السعودية 6.05 % وحوالي 1.5 % في دولة الكويت، و2.3 % في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر فيما تشير بعض التقارير الى أن معدلها يبلغ 14 % في سلطنة عمان عام 2006.بعد هذا العرض السريع لبعض النسب والأرقام حتى نتعرف على حقيقة المشكلة ومدى تفاقم هذه العمالة على مستقبل المواطن الخليجي.