01 نوفمبر 2025

تسجيل

طمس مؤقت

23 مارس 2023

يختار البعض مناسبات معينة لبث أفكاره أو تواريخ دون سواها ليتحول لشخص لا يشبه نفسه قبل التحول ولكن لمدةٍ محسوبة بالأيام، ولابد أن الغالبية العظمى تتغير على مستوى الأفكار أو القناعات أو ردات الفعل مع مرور الوقت ودخول مرحلة عمريةٍ جديدة أو بسبب تغيير يطرأ على المستوى الفكري والثقافي للشخص ناهيك عن تلك المطبات الحياتية باختلافها فتتغير شخصيته سواء بالإضافة او الحذف والتعديل في بعض الجوانب، لكنه يبقى الشخص الذي تعرفه سابقاً فهو لم يخضع لعملية تغيير جذري مع بقاء الاسم والكنية. فبمرور السنوات تصبح شخصياتنا أكثر قدرة على التوافق الاجتماعي وأشد حرصاً على مراعاة ما يُمليه عليها الضمير، ويطلق علماء النفس على عملية التغير التي تطرأ على الشخصية بفعل التقدم في العمر اسم «بلوغ الشخصية طور النضج»، وهو تبدل تدريجي غير محسوس يبدأ في مرحلة المراهقة ويستمر حتى يبلغ الإنسان عقده الثامن على الأقل، وكشفت الدراسات عن أن شخصياتنا تتطور تزامنا مع تقدمنا في العمر لتصبح أكثر ثقة في النفس كما تزداد قوة الإرادة لدينا ونكتسب حس دعابة لاذعا وقدرة أكبر على التحكم في مشاعرنا، ويمكن القول إن هذه «تركيبة ساحرة للشخصية». عموماً الكثيرون يتكلمون عن التغيير وهم يقصدون تغيير الآخرين، وقد يتحدث الواحد عن تغيير العالم ويحلم أن يُبدل وجه التاريخ وفي الواقع أنه ليس هناك تغيير من هذا القبيل فهي تغييرات جزئية يقابلها تغييرات عكسية ولكن التغيير الأعظم والأكبر هو أن نتغير من داخلنا لا أن نُعرض انفسنا لطمس مؤقت يتماشى مع الحالة الزمنية فقط. امعن النظر حولك وبنفسك قبل ذلك، فهناك من يأخذ من الدين جزءاً ويعمل به لجزءٍ مستقطعٍ من الزمن، وحقيقةً لا أعلم حتى لحظة كتابتي لهذا المقال سر التحوّل السريع في الساعات الأخيره التي تسبق الأول من شهر رمضان المبارك، ذلك التحول الذي يجعل بعض الأشخاص في سباقٍ مع الزمن لطمسٍ مؤقتٍ لكل اشكال الإيذاء لمن حولهم احد عشر شهراً حتى تراهم قد ارتدوا عباءة المحبة والمودة والخُلق اللين والابتسامة والمساعدة فقط لمدة ثلاثين يوماً، فإذا كان شهر الخير قد هذّب معادنهم فلماذا لا يستمرون بالعيش والتعامل من خلال هالةٍ نقيةٍ صنعوها لأنفسهم شهراً لتبقى دهراً !؟ أخيراً: شهر رمضان ليس مجرد تاريخ مُنتظر ولا فانوس عملاق يطمس بضوئه هوية الصيام ومعنى فضائله، ورمضان كريم وتقبل الله صيامكم وقيامكم وصالح أعمالكم.