11 سبتمبر 2025

تسجيل

حقوق الأمهات

23 مارس 2021

استوصوا خيراً بأمهاتكم، فالبر لا يكون عن طريق تواجد مادي فقط دون الالتفات لرغباتهن على المستوى المعنوي والفكري والثقافي، فالابنة بعد سن معينة للأسف تنظر لأمها كشخص منفصل عنها حين تكون في عمر قريب منها، أو تنظر لها كعبء إضافي حين تكون في سن كبيرة لا تسمح لها بالوصول فكرياً للمواضيع والنقاشات الفكرية المطروحة، والغريب في الأمر أن الابنة لا تحاول الوصول بهذه الأم لهذه الأفكار لكى تتمكن من التماشي معها بل تتركها في عزلتها لتكبر المسافة الفكرية بينهما. تقول المفكرة سمية الناصر في هذا السياق: "المرأة الكبيرة في السن مظلومة نظراً لعدم وجود شخص يخاطبها يتكلم معها أو يجاري أفكارها وشعورها"، إن المرحلة العمرية التي تمر بها الأم لا يمكن لأحد أن يتماشى معها أو يستجيب لها إلا ابنتها، فالصديقات مشغولات طول الأسبوع فيما عدا يوم أو يومين ولدقائق معدودة، ولكن البنت هي الشخص الذي تحتاجه الأم ليكون لها سنداً وعوناً على مجابهة متغيرات الوقت. وقد لاحظت في أكثر من جلسة مع البنت والأم أن البنت لا تسمح لأمها بالحديث بل هي الشخص المتحدث الأوحد، وحين تحاول الأم أن تستفسر عن موضوع نجد البنت تعمد إلى التجاهل أو تغيير الموضوع، وهو أمر لاحظته في أكثر من جلسة للأسف، وكأنها أصبحت كائناً خارج إطار الزمن. نصيحتي أن تحاول البنت إيجاد الرابط المشترك بينها وبين أمها، وذلك لتكون المواضيع مشتركة، وستجد البنت أن هذه الأم هي الصديقة المثلى التي تحاول أن تجدها طوال عمرها، فهي الصديقة التي ستستمع بكافة عواطفها ومشاعرها، وستمنحك النصيحة الصادقة التي لا يمكنك إيجادها عند غيرها، كما أن الأحاديث معها والخروج في نزهات هي بر وسعادة للطرفين فلما نبخل على أنفسنا من تحصيل هذا الأجر الكبير؟. أذكر قصة قالتها لي إحدى صديقاتي عن أمها فتقول: "لاحظت في الفترة الأخيرة أن أمي أصبحت سريعة التعصب ونتيجة لأسباب تافهة"، فسألتها: "أخبريني كيف أمك تقضي يومها؟"، استغربت من السؤال فهي في تصورها أن هذه الأم ستصبح شخصاً غاضباً متوتراً بدون سبب أو لأسباب عضوية كمرض لا سمح الله، والسبب الأخير قد يكون صحيحاً ولكن الأمر لا يبدو كذلك، أعدت السؤال عليها، "كيف تقضي أمك يومها؟"، قالت: أمي ربة منزل تنام فترة الصباح وتستيقظ قبل الظهر وتجلس في الصالة السفلية في الدور الأرضي، ومن ثم نأتي أنا وأخوتي وأخواتي نسلم عليها ونذهب للنوم لحين فترة المغرب وبعدها نستيقظ منا الذي يخرج ومنا الذي يجلس في الصالة، سألت هل تجلسون معها في الصالة السفلية أجابت: لا! بل في الطابق الأول مع بعضنا البعض، فنحن لا نحبذ الجلوس في الدور الأرضي، مما يعني أن الأم تجلس فترة تتجاوز الـ ٦ ساعات لوحدها في الصالة السفلية منتظرة لأحدهم أن يتكرم عليها بالجلوس معها مع سماعها لأصواتهم من ضحك وسوالف في الطابق الأول، والأم بطبعها شخص عذار نادر اللوم لذا نجدها تحاول أن توضح لهم رغبتها في أن يجلسوا معها من خلال التعبير عن الغضب والتوتر، أخبرتها أمك تحتاج لك وهي تحتاج لشخص يشاركها يومها اجلسوا معاها تحدثوا، اذكروا لها قصصكم اليومية حتى وإن كانت مواضيع عابرة فهي تود أن تكون جزءاً من يومكم. إن التواجد مع الأم بشكل يومي أو شبه يومي أمر مهم جداً، وليس بالضرورة أن يكون التواجد جسدياً، بل إن التواصل الهاتفي اليومي أمر مهم مع أهمية الإشارة لضرورة أن يكون هذا التواصل ليس للاطمئنان فقط: "ألو يمه أنتي بخير؟"، وبعد أن تطمئن عليها تغلق الهاتف، لا بل يجب أن يتجاوزه لأحاديث ومواضيع على المستوى الفكري والاجتماعي، والأمر مشابه حين تقوم البنت بزيارة أمها نجد البعض للأسف حاضراً بجسده، تأتي البنت لتلقى الأحاديث على أمها دون التوقف لسماع رأيها، وحين تحاول الأم التعقيب أو فتح موضوع مختلف، تقوم البنت بالسيطرة على سياق الحديث مما يخلف شخصاً صامتاً مستغرباً وبعدها تتحول الأم لشخص عصبي أو مخذول. امنحوا هذه الأم التي ربت وتعبت كافة مشاعركم من اهتمام ورعاية فهي في يوم من الأيام منحتكم جل وقتها، وسهرت على راحتكم وما زالت هي الشخص الوحيد الذي لا يمكن له أن يخذلك أو يتأخر عنك. إضاءة: - إن والديك أحسنا إليك في ضعفك وربياك حتى بلغت أشدك أتقلب لهما ظهرك عند حاجتهما إليك فأحسن إلى من أحسن إليك. - ما تفعله مع والديك سوف يفعله معك أبناؤك فيما بعد، فما الطريقة التي تحب أن يعاملك بها أولادك في الكبر؟. - بر الوالدين ليس شعارات ترفع إنّما هو تطبيق عملي. * أشير للابنة ولكني أقصد في ذلك الابن أيضاً