18 سبتمبر 2025
تسجيلجاءت "القيامة" على شكل فيروس صغير لا يُرى بالعين المجردة، العالم اليوم يسير نحو المجهول لا أحد يستطيع التنبؤ بشكل حاسم إلى أين ستصل الأمور، كل ما يمكن أن يقال اجلس في بيتك لكي لا يصيبك هذا الفيروس الخطير، حطم كورونا مع اجتياحه العالم كثيراً من الأوهام الكبرى والأوهام الصغرى. من الأوهام الكبرى التي حطمها هذا الفيروس الصغير هناك، وهم السيطرة على الطبيعة، ووهم صلابة العلم أو النموذج العلمي غير القابل للتكذيب وغير ذلك، لكن ما يهمنا هنا هو مجتمعنا الصغير وأوهامه الصغرى الاجتماعية الطابع في معظمها التي حطمها هذا الفيروس غير المرئي بالعين المجردة ويأتي في مقدمتها:- الوهم الأول: الطبقة الاجتماعية، فالجميع أمامه طبقة واحدة منكشفون عليه بنفس الدرجة وحيث إنه لا علاج محدد له اليوم؛ فالجميع أمامه متساوون. الوهم الثاني: الواسطة، حيث يستطيع المقتدر أن يسافر للعلاج وغير المقتدر يبقى للعلاج في الداخل، كورونا جعل الخارج والداخل سواء بسواء، بل أصبح الداخل هو ملاذ المواطن الأول والأخير. الوهم الثالث: ثقافة الريع ورموزها، المقاتلون اليوم الذين هم في الصفوف الأولى هؤلاء نتاج اقتصاد الإنتاج: الأطباء، أخصائيو المختبر، الممرضون والممرضات، أساتذة الرياضيات والتخطيط الإستراتيجي، إداريو الأزمات، هؤلاء يعملون بصمت في الأيام العادية ولكنهم في الأزمات هم عماد المجتمع، على المجتمع أن يعيد نظرته إلى الأمور بعد طغيان ثقافة الريع وابطالها من أيقونات وأبواق. الوهم الرابع: إن كل شيخ دين يُستمع إليه، هناك مشايخ غرروا بالناس وأصدروا أحكاماً زرعت كثيراً من الشكوك في نفوس كثير من النشء فمنهم من قال: إنه عقوبة للملحدين وللشيوعيين؛ لأنهم عذبوا المسلمين، ومنهم من قال: إنه عقوبة للمسلمين ؛ليرجعوا إلى دينهم، وبعد أن أصبحت خريطة العالم كلها كورونا حمراء انقلبوا إلى ضحالتهم فكهين، وهناك من كان متزناً في طرحه وفي تطمينه للمجتمع وتبديد مخاوفه. الوهم الخامس: وهم النقاء العرقي، يضرب هذا الفيروس جميع الأعراق والأصول، بعض الأمراض تجدها متأصلة في عرق دون آخر حسب إحصائيات الصحة العالمية بل إن لكل عرق عدداً من الأمراض خاصة به بشكل مركز أكثر من غيره. كورونا يخترق جميع الأعراق والألوان والأحجام إلا أنه رفيق بالصغار إلى حد ما ؛ كما تقول التقارير وهي أسبقية وجودية لإعمار الأرض، أما بالنسبة للكبار أصحاب الأمراض الوراثية المناعية فهو متتالية عددية لإخراجهم من المسرح. دعاء أن يُنجي الله البشرية كلها من هذا الوباء بعد أن يطهرها من أوهامها في قدرة الإنسان على امتلاك السيطرة على الطبيعة وقدرة العلم على السيطرة على المستقبل، ليعيش الإنسان دائماً في ترقب انطلاقاً من إيمانه بضعفه وهشاشة وجوده. [email protected]