30 أكتوبر 2025

تسجيل

حول الهوية والماهية

23 يناير 2023

في اعتقادي هناك بعض المعايير يمكن من خلالها التفريق بين الهوية الانسانية «الماهية» والمحلية «المكتسبة»، مؤكدًا أن الهوية يمكن أن تكون إنسانية ومحلية في الوقت ذاته إلا إذا كان البعض قاصدًا للهوية بمفهومها الضيق أو هويات المرجعية الأولى كالطائفة والقبيلة، وهنا بعض النقاط ارى أنها تلخصُ المعادلة التي توضحُ إشكاليات الهوية. النقطة الأولى لا يمكنُ معها طرح موضوع الهوية بمعزل عن موضوع الحرية، إذ أن الهوية بلا حرية تعد بمثابة سجن اختياري، بل إن الحرية تأتي قبل الهوية، فالهوية هي الماهية، ما دام أن الإنسان يولدُ أولًا ثم يكتسبُ هويته فالحرية أسبق. أما النقطة الثانية فهي مفهوم الضرورة والإمكان حيث: إنَّ الهُوية جزءٌ من الإمكان وليس كل الإمكان، وعند اعتبار الأمر ضرورة نكون بصدد هوية مغلقة، فأي شخص بالإمكان أن يولدَ بجنسية أخرى مختلفة عن تلك التي ولد فوجد نفسه عليها، ومن هنا ارى أن الإمكان يفتحُ الهوية ويجعلها قابلة للتعايش مع الآخر، بينما النقطة الثالثة تتمثل في التأسيس في مقابل الاستئناف أو الثبات في مقابل التغير، وأوصى في هذا الجانب بعدم المركزية حول الذات ومعاداة الآخر، مؤكدًا أن ذلك الأمر يحدثُ في حالة عدم تجاوز فكرة التأسيس، وأقول: إن الاستئنافَ يعني أن نجعلَ من الهوية مرحلة وسطى، باتجاه الماهية الإنسانية وليس ثباتًا طاردًا للتطور في العلاقة مع الآخر، مشيرًا إلى أنه من المهم أن تقومَ المؤسسات الثقافية والأفراد بدور توعوي في هذا الجانب، وادعو كذلك للابتعاد عن تصنيف الناس حسب أصولهم، وأعيب على من يركزون جهودهم على شجرة الإنسان وازدهار حركة التاريخ المكتوب حسب الطلب، حيث ارى أن ذلك هو ما يشقُ الصف ويحزبه، ولعل من إيجابيات الحصار توحيد الكلمة والاصطفاف والقضاء على هذا الفكر المتخلف، علينا ان ندرك اننا ذوات نسبية واجزاء من الامكان وليس اصطفاءً وحيداً كاصطفاء الملائكة، فالكلية في ذهن الخالق اما نحن فمجرد اجزاء في واقع التلاشي والتغير.