25 سبتمبر 2025

تسجيل

ما هي إجراءات توزيع التركات في القانون القطري؟

23 يناير 2023

لقد وضعت الشريعة الإسلامية نظاما محكما متكاملا لانتقال الأموال بين المسلمين عن طريق التوارث، وهذا النظام هو المعمول به بشأن أحكام الإرث في القانون القطري، حيث إن القانون المدني وقانون الأسرة في المواد المتعلقة بالتركات قد نصت على تلك الأحكام حرفيا، مع إضافة الإجراءات والمراحل التي تقتضيها عملية تصفية الأموال بين الورثة الشرعيين. وبهدف تسهيل انتقال التركة إلى مستحقيها بخطوات أقل تعقيدا، تم خلال السنوات الأخيرة تخصيص دائرة قضائية مستقلة تنظر الدعاوى المتعلقة بالتركات، وإقرار إجراءات تقسيم جديدة أكثر فعالية تفاديا لطول الإجراءات الذي تعرفه طبيعة الدعاوى القضائية. حسب القوانين المعمول بها والقرارات الصادرة بهذا الشأن، يتم تقسيم التركات بطريقتين، إما بطريقة ودية، وتسمى «قسمة التركة بالتراضي»، أو بطريقة قضائية من خلال رفع دعوى أمام المحكمة المختصة. بالنسبة للقسمة بالتراضي للتركات، تكون معتمدة في حالة واحدة فقط، وهي عندما يتفق الورثة بالإجماع على الكيفية التي سيتم من خلالها توزيع الأموال بينهم، ولا يمكن اللجوء إليها في حالة وجود اعتراضات بينهم، حتى ولو كان الاعتراض من قبل وارث واحد، والبقية جميعهم متفقون. ويتم تقسيم التركات رضائيا من خلال تقديم طلب بذلك من قبل الورثة جميعا دون استثناء، إما شخصيا أو بواسطة وكيل بمحكمة الأسرة قسم التركات، مع إرفاق طلبهم بشهادة تفيد وفاة الشخص المطلوب تصفية تركته، وشهادة حصر ورثة تفيد أحقيتهم في انتقال أعيان التركة إليهم إرثا مع بيان بحصر أعيان تركة مورثهم التي لهم بها علم، أما الأموال غير المعلومة لديهم تتم بشأنها مخاطبة الهيئة العامة لشؤون القاصرين من أجل الاستعلام عنها وإضافتها ضمن الأعيان، مع عقد لقاء مع الورثة من أجل الاتفاق على كيفية توزيعها بينهم حسب النصيب الشرعي لكل منهم، وذلك تحت إشراف لجنة من الخبراء التي تم ندبها في محكمة الأسرة من أجل نظر طلبات قسمة التركات بالتراضي. وعقب ذلك تطلع المحكمة على تقرير بالاتفاق الذي توصل إليه الورثة، وتصدر أمرها بإقراره، لتصبح التركة عندئذ موزعة بينهم ومسجلة بأسمائهم حسب أنصبتهم الشرعية بدلا من اسم المورث، ولا يجوز الرجوع في هذا الاتفاق أو المطالبة بإلغائه من قبل أي وارث إلا إذا كانت إجراءات القسمة قد أضرت بمصلحته، أو طالتها مخالفات قانونية صريحة. أما في الحالة التي لا يتوصل فيها الورثة إلى اتفاق بالإجماع على كيفية القسمة، يكون من حق أي وارث أن يطلب من المحكمة أن تتخذ الإجراءات اللازمة ليحصل على حقه الشرعي، ويتم ذلك بواسطة رفع دعوى قضائية بشخصه أو بواسطة وكيل عنه في مواجهة باقي الورثة، وتودع صحيفة الدعوى بقلم كتاب محكمة الأسرة يعلن الورثة بها وبموعد أول جلسة مقررة لها، ترفق الدعوى بالمستندات اللازمة وخصوصا شهادة وفاة المورث وشهادة بحصر الورثة، وبيان بالأموال المملوكة للمورث، والمعلومة لدى رافعها، يطلب فيها من المحكمة تقسيم التركة بحكم قضائي ملزم للجميع. بمجرد تداول الدعوى أمام الدائرة القضائية المختصة تتم مخاطبة الهيئة العامة لشؤون القاصرين من أجل الاستعلام عن كامل الأموال المملوكة للمورث قيد حياته، وبمجرد ورود تقرير بالتركة تندب المحكمة مصفيا من أجل تقديم تقريره الفني بالكيفية التي يمكن بها قسمة الأموال بين الورثة وفق النصيب الشرعي لكل واحد منهم، فإذا انتهت المحكمة من جميع الإجراءات أصدرت حكما قضائيا بانتقال الأموال المملوكة للمورث إلى ورثته الشرعيين، مع توزيع حصصها عليهم حسب الأنصبة الشرعية ووفقا للتقرير المقدم من طرف المصفي. ويكون الحكم الصادر بقسمة التركة قابلا للطعن وفقا للإجراءات العادية المنصوص عليها ضمن قانون المرافعات المدنية والتجارية. وعموما فإن توزيع التركة بين الورثة، من المسائل التي ينبغي التسريع في تنفيذ إجراءاتها ولا يجب التماطل فيها من قبل الورثة بحجة الرغبة في الحفاظ على شمل الأسرة، لأن في ذلك مخالفة لمقاصد الشريعة والطبيعة البشرية التي تحتمل وفاة أحد الورثة وانتقال نصيبه لورثته، فيصبح هنالك تداخل في التركات وإضرار بذوي الحقوق.