12 سبتمبر 2025
تسجيلسألت إحدى صديقاتي اللبنانيات بالأمس: لِمَ تحولت مظاهرات لبنان من ثورة سميت بثورة السياحة إلى ثورة فوضى وتخريب وحرق ومواجهات مباشرة مع الأمن والجيش؟! فأجابتني أن ( الزعران ) هم من حولوها لهذا بعد أن بدأت ثورة حقيقية همها أن تحافظ على ثروات ومقدرات البلد وكان بينها بعض ( المدلعين ) الذين تلقفتهم كاميرات الحكومة الفاسدة بلبنان وصورت للعالم بأن مظاهراتنا كلها رقص وطبل وتزمير وهيصة شوارع بينما في الواقع ثورتنا ثورة حقيقية لشعب يموت من الغلاء والمحسوبية وسلطة المصارف ولعبة الكراسي الموسيقية لأسماء معروفة لدينا ومن يستقيل يأتي من هو أشد فسادا من سابقه ! ورغم أنها أجابتني باللهجة اللبنانية المهضومة، إلا إنني حاولت أن أصيغ ما قالته باللغة العربية الفصحى ليناسب مع النسق الذي تسير عليه مقالاتي عادة.. والواقع أنني متتبعة جيدة لمسار الأحداث في بيروت الجميلة التي لي فيها ذكريات أجمل، وأشعر بالأسف لكل ما يحدث هناك، ليس لأن لبنان له مكانة خاصة بين الدول العربية ولكن هذا البلد ( انطحن ) كثيرا بأوضاعه التي لم تستقر منذ أن حارب وتحرر جنوبه، وحكوماته المتعاقبة لم يحن قلبها لجله، رغم أن معيار الوطنية عال جدا لدى كل رئيس ووزير ونائب يتولون حكمه وتسيير أموره التي عادة ما تصطدم بسلطة المصارف والحصص المالية للحكومة ورئيس الحكومة ناهيك عن أن الليرة اللبنانية حين هوت لم يكن عمل الحكومة بذلك الجهد الذي يمكن الإشادة به وكأن المقدّر لهذا البلد هو أن يظل بين مطرقة الحكومات غير الفاعلة وبين الفساد الذي يتسيد في مؤسساته الحيوية. بالأمس زف السيد حسام دياب المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان البشرى للشعب وللمتظاهرين الغاضبين أن السبب وراء استمرار خروجهم للشوارع قد تم القضاء عليه، وأن الحكومة تشكلت بعضوية 20 وزيرا وتحت رئاسته شخصيا.. وأن كافة الوزراء تم اختيارهم بعيدا عن كل شكل من أشكال الحزبية، بعد أن أشيع عن أن الأحزاب قد دخلت بين صفوف المتظاهرين وبات أنصار كل حزب يحاول أن يرفع من أسهم المستفيدين من بقائهم في دائرة الحكم اللبناني وأن الحكومة الجديدة استندت إلى الدستور في عملية تشكيلها ووضع معايير محددة لاختيار أعضائها، كما قال متابعًا: نتعهد باستعادة الأموال المنهوبة وحماية الفقراء. ولكن كيف استقبل جمهور الشارع الغاضب هذه الحكومة التي أعلنها دياب بعد اجتماع عاجل مع الرئيس ميشيل عون لمعرفة الأسباب وراء تأخر إعلان الحكومة ؟! ما وصل حتى الآن هو أنه وسط العاصمة اللبنانية بيروت شهدت مواجهات واشتباكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية بعدما أعرب المحتجون عن رفضهم للحكومة الجديدة التى جرى الإعلان عن تشكيلها بالأمس، معتبرين أنها لا تعبر عن تطلعات الانتفاضة الشعبية المستمرة منذ 17 أكتوبر الماضي، في حين قطع المتظاهرون في عدد من المحافظات الطرق الرئيسية اعتراضاً على تشكيل الحكومة وهاجم المتظاهرون السياج الأمني في الممر الرئيسي المؤدي إلى مقر مجلس النواب بساحة النجمة بوسط العاصمة ورشقوا القوى الأمنية بالحجارة والمفرقعات النارية وقطعوا عددا من الشوارع الرئيسية والفرعية داخل العاصمة بيروت وكذلك طرق السفر الدولية مستخدمين الإطارات المشتعلة والعوائق، مشيرين إلى أن الحكومة الجديدة لا تعبر عن مطلبهم بتشكيل حكومة حيادية من الاختصاصيين المستقلين عن التيارات والقوى والأحزاب السياسية، نافيين بذلك ما صرح به حسام دياب بأنها كانت بمنأى عن أي حزبية وأن الثورة قائمة من جديد ومن أراد للمتظاهرين أن يعودوا إلى البيت هذه الليلة فإنهم باقون باقون !. إلى أين يتجه لبنان ؟! إن كان المتظاهرون من الشعب فقط فحتما ستكون النهاية سعيدة أما إذا اندس فيهم من لا يخاف الله فيه فربما تُخلق سوريا أخرى إلى جوار سوريا الأم وربما استنسخ الربيع العربي نفسه فيه وربما ماهو أشد وأخطر ولا نملك غير الدعاء الذي يرد مسار القضاء بأن حمى الله بلاد الأرز وسائر وطننا العربي.. يارب. فاصلة أخيرة: قلوبنا الصغيرة ما عادت تتحمل أزمة عربية أخرى !.. ورب الكعبة !. [email protected]