14 سبتمبر 2025

تسجيل

احذر البناية الخطأ !

23 يناير 2019

(كل ساعة نقضيها في التخطيط توفر لنا أربع ساعات عند التنفيذ، فالتخطيط ليس تضييعاً للوقت)، عبارة تحتاج إلى تفعيل كبير في حياتنا، وتدريب لأنفسنا وأبنائنا على مهارات التخطيط الفعال، فالكثيرون لا يعطون للتخطيط القدر المناسب من الاهتمام، فأصبحت العشوائية سائدة بينهم، بل والأخطر أنهم يتعايشون معها فصارت هي الأساس والأصل في تعاملاتهم، رغم أن كل الشواهد حولنا تؤكد ضرورة أن نجعل التخطيط أسلوب حياة. والتخطيط في اللغة: مصدرٌ للفعل (خطَّطَ)، نقول: خطَّط لمستقبله؛ أي أعدَّ خُطَّة لأعماله، ومشاريعه في المستقبل، وفي علم الإدارة: هو وضع أهدافك في برنامج عملي قابل للتنفيذ، ورسم صورة واضحة للمستقبل وتحديد الخطوات الفاعلة للوصول إلى هذه الصورة، وكيف تتعامل مع الزمن وتختار الأولويات. والحقيقة المرة أن التخطيط لا ينفذه إلا القليل، والذي نفعله دائما أن عندنا مجموعة من النوايا والأفكار التي نرى أهميتها، وقد نصل إلى تحقيقها، وقد تصرفنا مشاغل الحياة التافهة عن إدراكها، فنعيش على هامش الحياة بأهداف وطموحات لا تجد طريقها إلى التحقيق. وكي ندرك أهمية التخطيط في توفير الوقت والجهد والوصول إلى الهدف المنشود – نعيش مع تلك القصة الرمزية، فقد كان هناك عاملان في إحدى شركات البناء، أرسلتهما الشركة من أجل إصلاح سطح إحدى البنايات، وعندما وصل العاملان إلى المصعد إذا بلافتة مكتوب عليها (المصعد معطل) تصدمهما، فتوقفا دقيقة يفكران ماذا سيفعلان، لكنهما حسما أمرهما سريعا بالصعود على الدرج بالرغم من أن العمارة بها أربعون طابقا، سيصعدان وهما يحملان المعدات لهذا الارتفاع الشاهق، لكنها الحماسة... وبعد جهد مضن، وعرق غزير، وجلسات استراحة كبيرة، وصلا أخيرا إلى غايتهما، هنا التفت أحدهما إلى الآخر وقال: لدي خبران أود الإفصاح لك عنهما، أحدهما سار والآخر غير سار، فقال صديقه: فلنبدأ بالسار، فقال له صاحبه: أبشر، لقد وصلنا إلى سطح البناية أخيرا، فقال له صاحبه بعد أن تنهد بارتياح: رائع لقد نجحنا، وما الخبر السيئ ؟ فقال له صاحبه في غيظ: هذه ليست البناية المقصودة!! فهناك من يمضي في هذه الحياة كهذين العاملين، يجد ويتعب ويعرق، ثم في الأخير يصل إلى لا شيء لأنه لم يخطط جيدا قبل أن يخطو، ولم يضع لنفسه برنامجا دقيقا يجيب فيه عن السؤال المهم: ماذا أريد بالتحديد؟ وكيف أفعل ما أريد؟ وليس التخطيط بالعلم الحديث، فالقرآن الكريم أشار إليه في أكثر من موضع، ومنها ذلك اللون الذي يعتبر من أروع أمثلة التخطيط الاقتصادي في القرآن الكريم، والمتمثل في خطَّة يوسف عليه السلام في مواجهة المجاعة القادمة على مصر، يقول الله تعالى: (قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبَاً فَمَا حَصَدْتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ)، وكذلك في حياة نبينا الكريم الكثير من المواقف التي تدل على حسن التخطيط، ومن أوضحها الهجرة إلى المدينة. التخطيط منهاج حياة يرتقي بنا للعلا، فليتنا نفعل!