18 سبتمبر 2025
تسجيلمعاناة القطريين مع مكاتب جلب الايدي العاملة — المنزلية منها بالذات — تتجلى بوضوح في الجدل الدائر هذه الايام حول استغلال مكاتب الاستقدام حاجة المواطنين من تلك العمالة (خادمات / مربيات / سائقين / طباخين... ) نظرا للطلب المتزايد علىهم من العائلات القطرية التي يضطر اغلب افرادها للخروج من المنزل حتى ساعات متأخرة من النهار للدراسة او العمل وما يتبعها من متطلبات الحياة المعاصرة، اضافة الى الاستعانة بالمربيات اثناء فترة غياب الامهات او الزوجات العاملات عن المنزل.. ومهما قيل عن عمولات ورسوم او ضرائب تخليص في الداخل والخارج نظير استقدام العمالة المنزلية، فانها ليست مبررا مقنعا للمغالاة في اسعار الاستقدام الى هذه الدرجة؛ علما بان نسبة كبيرة من طالبي العمالة المنزلية من ذوي الدخل المحدود والضمان الاجتماعي وآخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة.. وما تزال معاناة الكفيل القطري مستمرة قبل وبعد دخول المكفولين الى البلاد، بدءا من تحديد الجنسيات المطلوبة مرورا بالاسعار الباهظة لاستقدام العمالة المطلوبة والتأخير في مواعيد وصولهم، حتى وصل الامر الى مسلسل "الهروب" الذي اصبح ظاهرة مزمنة وكابوسا مزعجا يؤرق ويقلق راحة كثير من العائلات القطرية؛ وتحولت هذه الاحداث الى مادة خصبة في قضايا المجتمع المحلي عبر برنامجنا الوطني المسموع (وطني الحبيب صباح الخير) وما زالت الشكوك والمخاوف تراودنا حول ضبط سوق الخدم اذ تتعارض تعاملاته الحالية مع معطيات المنطق ومبررات الافعال!! بعد ان اقدمت مكاتب الاستقدام على رفع اسعارها لتصل الى (13000) فأعلى، علاوة على زيادة رواتب الخدم والسائقين. هذا الارتفاع في تكلفة جلب المستخدمين وتكرار هروب السائقين وعاملات المنازل بعد مهلة ثلاثة اشهر (الضمان) يجعلنا ننظر بشيء من الريبة الى مكاتب الاستقدام، واحتمال دفعها العمالة نحو الهروب من الكفيل المواطن، والمتاجرة بالعمالة لاغراض غير مشروعة، تضطر المواطن الى اللجوء الى المكاتب مجددا للبحث عن بدلاء؛ خاصة ان الهاربين يدركون ان تخليهم عن الكفيل الاول بعد مرور شرط الضمان يجنب اصحاب المكاتب اية غرامات كما يصبح الهارب المتحايل في حل من التزاماته تجاه العائلة (المغدورة) !! لتعود المعاناة مجددا تطرق ابواب البيوت القطرية بتحمل تبعات سفر المكفول اذا تم العثور عليه خلال مدة ثلاثة اشهر من بلاغ الهروب، وضياع حقوق الكفيل في المطالبة باسترجاع ما افتقده من مال او وقت وجهد جراء تلك الاجراءات، وهذا ما يفسر اتباع المواطنين طرقا اخرى لجلب الايادي العاملة، مع التنبيه الى تورط بعض الشركات بايواء العمالة الهاربة وتشغيلهم في مناطق خارج العاصمة! وتنشيط سوق سوداء لبيع وشراء تأشيرات العمل، ومن هنا نهيب بالجهات المختصة في وزارات الداخلية والعدل والعمل باعادة سن قوانين وتشريعات خاصة باستقدام العمالة المنزلية وضبط اسعار سوق الخدم، وتطبيق شروط جزائية رادعة على مكاتب الاستقدام عند التجاوزات، مع ضرورة تمديد مهلة الضمان الى عام كامل او نصف عام بدلا من ثلاثة اشهر؛ لانها غير كافية بالطبع للكفيل وقد تشجع على استمرار تجاوزات العمالة ومكاتب جلبهم. ورغم وقوفنا كدولة وشعب كريم مضياف مع حقوق كافة المستقدمين والوافدين الا ان ذلك ليس معناه مطلقا ان يبقى سؤالنا معلقا دون إجابة شافية: من يضمن حقوق المواطن المجني عليه في مثل تلك الحالات؟ ولماذا يحسدنا تجار الجشع والطمع على كل مكرمة يخصنا بها حكام بلادنا الاخيار الاجواد فينقضون على جيوبنا في عمليات استغلال واستنزاف لم تلق ما يوازيها من ضبط وردع؟ ونحن واثقون — بحمد الله — في حرص قيادتنا الرشيدة على كل ما ينفع الوطن والمواطن ويضمن له حياة كريمة ومطمئنة.