13 سبتمبر 2025

تسجيل

عقبات أمام تمكين المشروعات الصغيرة من المنافسة

23 يناير 2013

تناولت القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي اختتمت أعمالها مؤخراً بالرياض الوضع الاقتصادي في المنطقة، وركزت في محاور نقاشها على أبرز القضايا، وهي غياب المشروعات الصغيرة والمتوسطة عن المنافسة، وعدم قدرتها على الدخول في خضم المشروعات الكبيرة مثل الاستثمار والبنى التحتية والطاقة والاتصالات والصناعات غير النفطية، حيث لا يزال حضورها محدوداً في مصادر الدخل العام. ورغم الدعم الذي توليه الحكومات لتلك المشروعات سواء الفني أو اللوجستي، ومع وجود إجراءات قانونية ميسرة لإقامتها إلا أنها لم تحقق نتاجاً يلبي مستوى طموحات اقتصادات الدول. ولعل أبرز عوائق دخول الشركات الصغيرة والمتوسطة في خضم المنافسة، المخاوف التي يعيشها الوضع الاقتصادي العالمي من انهيار مالي وشيك، وهجرة رؤوس الأموال إلى مشروعات تدر أرباحاً في وقت قياسي وتبتعد عن المخاطرة، وغياب تشجيع أصحاب الشركات الصغيرة وعدم تحفيزهم على الاستمرارية. ترى القمة التنموية أنّ تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار أبرز الأولويات، لأنه سيدفع بعجلة النمو وسيفتح أبواباً عديدة، وسيعمل على توفير فرص عمل مناسبة للشباب، ويتيح لرؤوس الأموال مضاعفة أرباحها لطرق مجالات اقتصادية أخرى، منوهة ًأنّ فرص إقامة مشروعات مهيأة في مجالات الزراعة والصناعة وصيد الأسماك والتعدين والسياحة والطاقة وهي قطاعات خصبة لجذب رؤوس الأموال إليها. يؤيد ذلك ما طالب به ممثلو القطاع الخاص بالقمة من ضرورة توفير مظلة لتعزيز دور القطاع، وضرورة إطلاق إمكانات النمو الهائلة في المنطقة، وأن يكون الشريك الأساسي للحكومات في صياغة السياسات التنموية، وبناء القدرات والمهارات، وتوجيهها نحو التجديد، واتخاذ خطوات فاعلة لإزالة العقبات أمام هذا القطاع. ويؤيد ذلك أيضاً ما خرجت فيه ندوة آليات دعم الصناعات الصغيرة التي استعرضت المعوقات، وأبرزها غياب التنسيق الصناعي بين الدول، وعدم توافر الأراضي اللازمة لتلبية الطلب المتزايد على إقامة مشروعات صناعية، وعدم دعم المنتج الخليجي ومنحه الأولوية في المشتريات الحكومية، وعدم توافر السيولة اللازمة من البنوك لدفعها للنهوض. من المشكلات التي تواجه الشركات الصغيرة من منظور عالمي عدم وجود تعريف موحد للمشاريع التي يطلق عليها صغيرة أو متوسطة، وغياب ذلك المفهوم لأنه لا يوجد تحديد لموازنتها المالية حتى تخضع لتصنيف الشركات الصغيرة، وضبابية هذا المعنى وعلى من تطلق وما نوعية تلك المشروعات سواء صغيرة أو متوسطة، وكيفية الحصول على دعم الحكومات لها، وغياب المساحات المخصصة لقيامها، وعدم وجود قاعدة معلومات كافية على المستوى العالمي وهجرة رجال الأعمال إلى مناطق استثمارية أخرى بحثا عن الفوائد. فقد تنبهت الدول إلى الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الحكومات في بناء قدرات رجال الأعمال، وتشجيع العمل الحر وفتح آفاق استثمارية معقولة.. وتتلخص الرؤية الاقتصادية بشأن هذا القطاع في عبارة (الكثير من السوق والقليل من التدخل الحكومي) إذا أتيحت له ظروف الاستثمار المحلي أو آليات التمويل والتشريع والتسهيلات الممنوحة له. من البديهي أن تكون التجارة البينية بين دول المنطقة بداية مناسبة لإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص في أن يشق طريقه خارج المحلية وأن تكون ممهداً من الخبرات والممارسات التي تفتح الباب أمام طرق أبواب الشراكات العالمية. واستشهد هنا بتجارب دول آسيا وأمريكا اللاتينية التي نجحت بفضل دور الحكومات في إزالة العوائق، وأدت إلى صناعات متقدمة في الصين وماليزيا وتايوان وتشيلي وكوريا وسنغافورة، وكان ذلك بفضل تهيئة الأرضية للفرص المناسبة.. وباتت الشركات الصغيرة والمتوسطة اليوم حاضنة للمهارات الصناعية وفتحت السوق أمام شركات جديدة. وأشير هنا إلى التجارب الغربية في فرض إجراءات على المنتج المستورد لإعطاء أولوية للمنتج المحلي، فمثلاً كبرى الشركات المصنعة للسيارات والأجهزة والمعدات بدأت من مشروع صغير وهي اليوم تشكل قيمة مضافة للاقتصاد، وتعتبر مصدراً للدخل وتسعى أيضاً للاندماج مع مثيلاتها لمضاعفة قوتها السوقية.