11 سبتمبر 2025

تسجيل

إنّما العَاجِزُ مَنْ لا يَسْتَبِدُّ!!

23 يناير 2012

ليــت هنــداً أنجزتنــا مـا تعـد **** وشـــفت أنفســنا ممــا تجــد واســــتبدت مـــرّة واحـــدة ***** إنمــا العــاجز مــن لا يســتبد أبيات وصفت في التاريخ العربي بأنها "غيرت مجرى التاريخ "..... يبدو أن هناك أمورا لا يجدي معها سوى الاستبداد، والمقصود هو الاستبداد في العدل فطالما طال نفوذ استبداد الظالم في ظلمه وتسلطه دون أن يكون له رادع، فأمن العقوبة حتى أساء الأدب، ولكن اليوم بات من غاية العجز عدم تخلق العادل باخلاق الاستبداد ولو لمرة واحدة كما قال ابن ابي ربيعة فهي النذير والرادع لدحر الظلم والتعدي على الاخرين. أبيات عمر بن ابي ربيعة هذه لم تشِ فقط ببلاغة العرب في الشعر بل بفطنتهم وحصافتهم فيما يضرب مثلا على مر العصور فقد ألهمت أميرا على قوة الخليفة الرشيد كما جاءت في كتاب البداية والنهاية "للدمشقي". فعندما تتبع الخليفة الرشيد أموال بيت المال ووجد ان البرامكة قد استهلكوه وعم فسادهم فجعل يهم بأخذهم تارة ويحجم أخرى، حتى سمر عنده في ليلة رجل يدعى: أبو العود، فأطلق له ثلاثين ألف درهم، فذهب إلى الوزير يحيى بن خالد بن برمك، فماطله بها يحيى مدة طويلة، وموقف البرامكة وتاريخهم وتسلطهم في عهد الرشيد معروف آنذاك بعد ان فوض يحيى بن خالد البرمكي على بيت المال تفويضا كاملا ووكل ابنه الفضل بن يحيى بن خالد على تربية ابنه الأمين بن هارون الرشيد فلما كان في بعض ليالي السمر عرض أبو العود في ذلك للرشيد بقول عمر: وعدت هند وما كادت تعد ليت هندا أنجزتنا ما تعد واستبدت مرة واحدة إنما العاجز من لا يستبد فجعل الرشيد وهو المعروف بانه حاكم عادل يكرر قوله: "إنما العاجز من لا يستبد"” فلما كان الصباح دخل عليه وزيره يحيى البرمكي، فأنشده الرشيد البيتين، وهو يستحسنهما ففهم ذلك يحيى وخاف، وسأل عن من أنشد ذلك للرشيد؟ فقيل له ابو العود. فبعث إليه فأنجز له الثلاثين ألفا، وأعطاه من عنده عشرين ألفا، وكذلك لولديه الفضل، وجعفر، فما كان عن قريب حتى أخذ الرشيد البرامكة وكان من أمرهم ما كان، فقضى على عصبتهم وسطوتهم وفسادهم ووشايتهم. فلما سمع ذلك الواثق أعجبه ذلك، وجعل يكرر قول عمر: "إنما العاجز من لا يستبد" تلك التي أعطتنا درسا في الحياة سياسية كانت او عملية أو مهنية فهناك امور كثيرة يبدو في ظل الوتيرة الاستبدادية الظالمة في اي منحى من مناحي الحياة ان علاجها فقط هو الاستبداد في الحق لسحق الاستبداد الظالم، فلا بد من كسر حاجز الصمت وربما حاجز الأدب الجمّ، فلا قلة ادب في الحق، ولا أدب َ مع قليلي الأدب حتى لو احدث الكسر دويا وفرقعة تطيح بالمخترقين لحاجز العرف والأدب والحق سواء كان ذلك في عرف الدول أوالأجهزة والمؤسسات أو الأفراد. لا بد من احقاق الحقوق وردع الباطل والفساد ورد المظالم لأهلها في كل موقع، فلن يستوطننا الاستبداد للظلم وسحق الارادة والحقوق، ولطالما سكت الخلقُ عن الظالمين والمستبدين المتخفين بأقنعة زائفة على مضض ولم يستهجنوهم إما خوفا وإما تلطفا وتأدبا، أفلا يكون الاستبداد اذاً في موضعه ممجّدا لإحقاق الحق امام كل من تسول له نفسه الظلم والطغيان والافساد في الأرض وعلى العباد؟ بلى... فواللهِ ان للظلم نكبة ً سواء كانت على مثل درس البرامكة او على درس العرب الخُلّصْ او غيرهم من البرامكة الجُدد في اي زمان وفي كل موقع ومكان. "إنما العاجز من لا يستبد" رددها الرشيد درسا للبرامكة فارتعدوا وأنهاها بنكبتهم. ورددها الواثق بعده وانتصر............. ونرددها جميعا بلحن ولهجة الواثق في عصر العدالة: " إنّمَا العَاجِزُ مًنْ لاَ يَسْتَبِدُّ" كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com