11 سبتمبر 2025

تسجيل

شمس قطر تشرق على البسيطة

22 ديسمبر 2022

لما بويع أمير المؤمنين، عمر بن عبدالعزيز، رحمه الله، بالخلافة، تقاطرت عليه الوفود، من جميع أصقاع الدولة الإسلامية الأموية، للتهنئة والمبايعة بالخلافة، فقدم أحد الوفود غلاما، ليتحدث باسمهم، فقال له عمر: ارجع، ففي القوم من هو أسن منك، فليتقدم للحديث، فقال الغلام: يا أمير المؤمنين، لو كان الأمر بالسن، ففي المسلمين من هو أحق بالخلافة منك. فقال عمر: أحسنت، تكلم. فتكلم الغلام وأجاد وأفاد. والعرب كبارهم وصغارهم، أولو أحلام ونهى، فكما تجلى الحلم والنهى، في ذلك الغلام الذرب اللسان، تجلى ذات النهى والحلم في دولة قطر الفتية، وهي تبدع في تنظيم كأس العالم ٢٠٢٢. ولم تتقدم قطر لتنظيم هذا المونديال، يوم تقدمت، أشرا ولا بطرا، وإنما تقدمت ثقة وجدارة. وسخر من قطر ذات من… ليست ديمقراطية: وست منستر، ولا كبيتال هول، ولا الريشستاق، بل ديمقراطية «المدينة» !. أرأيتم يوم وقفت امرأة، ترفع عقيرتها بالرفض، لقرار بتحديد المهور، من رئيس الدولة، أذاعه على الهواء مباشرة، من فوق منبر رسول الله، بأبي هو وأمي، في المسجد النبوي بالمدينة، وفي حضور أكابر رجالات الدولة! قرأت المرأة الفقيهة «المادة الدستورية» التي تمنع ذلك: (وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا) الآية. وسكتت المرأة، وسكتت الدنيا، بل كتمت أنفاسها، ولكن أمير المؤمنين لم يسكت: أصابت امرأة وأخطأ عمر! إنه الجوهر الأصيل للديمقراطية: حرية الخطأ، وحرية الرجوع عن الخطأ، والثواب على الخطأ ! وهذا في صلب الدستور الإلهي: للمجتهد المصيب أجران، وللمجتهد المخطئ أجر !. عمق قطر الحضاري، بل جوهرها الأصيل، الذي تفوقت به، لا على الدول (الفخمة الضخمة) التي نافستها على تنظيم مونديال 2022، بل تفوقت به على نفسها! لقد أجمع الكل، عربهم وعجمهم، على أن دورة كأس العالم - فيفا قطر 2022، كانت واسطة العقد، لا بل يتيمته بلا مزايدة. ولو كان الأمر أمر ثراء مادي، ففي تلك الدول من هي أكثر غنى منها. ولو كان الأمر أمر تفوق تقني، فإن قطر استعانت بتقنية بعض تلك الدول المنافسة، لتنظيم الدورة. ولو كان الأمر، أمر إدارة متقنة محكمة، لهذا الحراك الضخم، لكان في تلك الدول، فضل السبق بآماد وآماد. فما السر إذن؟ سر قطر الذي تفوقت به، حتى على نفسها، أنه كما قال أحد الصحابة، رضوان الله عليهم، سر أبي بكر، الذي خص به من دون العالمين، أنه اذن تلك «الخصيصة»، وهي ذاتها اختص بها الله عز وجل قطر، وأهل قطر، فسطعت شمسهم فأنارت ظلمات البسيطة.