12 سبتمبر 2025

تسجيل

«لا خير في رجل، كُفّار قريش خيرٌ منه»

22 نوفمبر 2023

يروى في التاريخ أن أبا جهل «عمرو ابن هشام» الذي كان رئيسا للفرقة الإجرامية المكلفة باغتيال النبي الكريم في بداية الهجرة قد قام بمحاصرة بيت النبي مع مجموعة من المشركين ومن كل قبيلة وبطن فتى مدجج بالسلاح حتى يضربوه ضربة رجل واحد فيتفرق دمه بين القبائل فتكون تكلفة الأخذ بثأر محمد من العرب ثقيلة على آل عبدالمطلب! فيرضون بالدية، ولكن العجيب أن أبا جهل أمر أتباعه بانتظار النبي حتى خروجه ولم يقتحم البيت ليلاً فعوتب على ذلك فقال: «لا تتحدث العرب أن أبا الحكم روَّع بنات محمد»! تلك هي مروءة العرب التي جُبلوا عليها وهي من محاسن طبائعهم وأخلاقهم التي جعلت الرسالة الخالدة تنزل فيهم، والمروءة هي خلق جليل وأدب رفيع وخلَّةٌ كريمة وخصْلَةٌ شريفة تربى عليها العرب في جاهليتهم وكانت تُضرب بهم الأمثال ومنها حكاية أبي جهل وهو على كفره لم يتخل عن مروءته - وكنّا نتمنى أن يسلمه الأمر في النهاية إلى الإسلام ولكن قدّر الله شأناً آخر - التي جُبل عليها من أجل مصلحة الخصومة الدينية والسياسية مع النبي الأكرم، فذلك لعمري أدب إنساني رفيع تميز به أهل الجاهلية وجاء الإسلام ليتمم الأمر ويجعل مرادها الأجر الأخروي، ففيها كمال الرجولة، وصيانة النفس عن رذائل الخصومة. ولكن ما يحزنني أن بعض «العرب» والمسلمين تخلوا عن ذلك الخلق القويم والطبع السليم ونجدهم يكون عوناً للأعداء في الاعتداء على أبناء عروبتهم ودينهم وإنسانيتهم، ويقفون مع الطغاة ضد المجني عليهم، ويطالبون بمحاكمة المناضلين ويتركون من تسبب بظلمهم، وما ذلك إلا لانعدام مروءتهم ونقصان دينهم، فهل يكمل دين المرء إلا بالخلق؟ وهل يتم الخلق بلا مروءة تمنع الإنسان من الابتذال في الخصومة؟! فالأمر كما قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي: «لا خير في رجل، كُفّار قريش خير منه». فما بالنا نجد من قومنا من يبارك العمليات الصهيونية الغاشمة في إخوتنا الفلسطينيين، ويشمت بهم ويحملهم حملاً ثقيلاً بجعلهم المتسببين بالكوارث وكأن العدو كان غارقاً في غيبوبته فأيقظته شهامة وبطولة المناضلين هناك. ولكن ثقوا تماماً بأن العروبة والمسلمين وإن خالط بعضهم هذا الدنس فإنهم يبقون بياض الأمم ولا يحول بينهم وبين العلو في الدنيا والآخرة إلا بالرجوع إلى منظومة أخلاق العرب التي خلقها الرب في جاهليتهم ثم أتممها ببعثة نبيهم.