20 سبتمبر 2025
تسجيللم تغب مخيمات إدلب، ومعاناة أهلها عن مونديال العالم، والعرب، وقطر لعام 2022، فكانت أغنية (ارحبوا) بالوفود المشاركة والمشجعين في مونديال قطر، يتناقلها ويتابعها عشرات الملايين وربما أكثر، حيث كان مخيم بلدة التح في المحافظة، مكان الأغنية، حين اندفع أطفال المخيم يلعبون بكرة قماشية ركلها باتجاههم رجل كبير في السن بعد أن خاطتها سيدة لاجئة، كل هذا تم بمبادرة شخصية، وبجهود فردية، ليكون اللاجئ السوري حاضراً في مونديال قطر، وتحضر معه معاناته، ومعها تحضر أشواقه وأمنياته بنجاح عرس، لم يعد عرساً قطرياً، بقدر ما هو عرس عربي بامتياز، وربما تعدّى ذلك ليكون عرساً للمسلمين، إذ إنها المرة الأولى في تاريخ المونديال العالمي تستضيف دولة عربية أو دولة مسلمة مثل هذا الحدث الكبير، الذي لقي حسداً وغيرة كبيرة لدى الأقلية. تزامن حصول مونديال قطر مع افتتاح الملعب البلدي في مدينة إدلب، وهو الذي كان مغلقاً بسبب الحرب لسنوات، فكان أن تم تأهيله بشكل أذهل كل متابع للشأن السوري، حيث البساط الأخضر الذي فرش في الملعب، زادت جماله الأضواء الساطعة التي انعكست عليه، مع اللوحات التي زينت سور الملعب، وهي تعلن تضامن السوريين مع تركيا في الهجوم الإرهابي الذي تعرّض له ميدان تقسيم في اسطنبول، بالإضافة إلى الهتافات المتضامنة مع مونديال قطر، ومكتوب عليها أنا عربي وأتضامن مع قطر، وأنا سوري وأتضامن مع قطر، ومعه الهتافات التي جددت روح الثورة السورية، ليتحول الملعب في إدلب، ومونديال قطر إلى رموز مهمة في تعزيز الهوية الوطنية، وشدّ عصب القومية لدى المواطنين. وبعيداً عن إدلب وسوريا، فقد زرت باكستان خلال الأسبوع الماضي، فكان الحديث المهيمن على الشارع هناك، هو حديث المونديال القطري، والاستعدادات القطرية التي أبهرت الجميع، والتي لم تكن وليدة اليوم، بقدر ما هي وليدة عام 2012 يوم تم انتخاب قطر لتكون البلد المضيف، وقد أنفقت قطر بسخاء على هذا الحدث العالمي، من بنى تحتية واستعدادات، لن تكون للحدث ذاته بقدر ما ستكون منفعته للأجيال من بعده، فضلاً عن دوره الملهم لدول وشعوب أخرى في أن تحتذي حذو هذه الاستعدادات والتحضيرات. لقد كان تعليق لاعب الكركيت الباكستاني العالمي عمران خان ورئيس وزراء باكستان سابقاً لافتاً ومهماً على حسابه على التويتر، حين غرّد حول افتتاح المونديال بالأمس بقوله: "نتمنى لقطر الأفضل، في نجاحها، بانعقاد كأس العالم لكرة القدم، والتي ستبدأ اليوم، فهي المرة الأولى التي تستضيف دولة مسلمة، مثل هذا الحدث الرياضي الكبير على مستوى العالم، حظاً سعيداً لكل الفرق المشاركة". لكن الهجوم الأهم والأدق، والأكثر توفيقاً كان من رئيس الاتحاد العالمي للكرة "الفيفا" (جياني أنفانتيو) خلال مؤتمره الصحافي، الذي امتد لـ57 دقيقة، حين هاجم بقوة كل منتقدي عقد كأس العالم في قطر، فدعا الغرب إلى الاعتذار لثلاثة آلاف عام مقبلة، عما ارتكبوه وما فعلوه في العالم لثلاثة آلاف عام ماضية، ونصحهم بأن يُحسنوا تعاملهم مع اللاجئين، ويستقبلوا العمال ويشغلوهم، بدل انتقاد قطر لأنها وفرت لهم فرص عمل، للعمل والشغل على أراضيها. والأكثر من هذا وذاك هو إشارة انفانتينو إلى تباكي البعض على منع بيع الخمور في الملاعب القطرية، وهو الأمر الممنوع حتى في الملاعب الغربية والدولية، كما أشار إلى ذلك في مؤتمره الصحافي، وترافق هذا مع صور نشرتها حسابات على مواقع التواصل لملاعب في حالة فوضى وعبث لبيعها بعض المرطبات في أرض ملاعبها. الحدث الكروي القطري لم يعد حدثاً كروياً، فقد غدا فرصة ذهبية لتعزيز الهوية الوطنية، وتكريس حضورك وحضور قيمك، فضلاً عن نشر القيم والمفاهيم، وهو ما تجلّى تماماً بالجهود القطرية في استضافة الداعية ذاكر نايك وآخرين من الدعاة بلغات مختلفة، بالإضافة إلى جهود وزارة الأوقاف القطرية، ومعها المنظمات الأهلية الحريصة على تقديم صورة حقيقية وواقعية عن الدين الإسلامي وعن قطر.. وفّق الله قطر وسدد الله جهودها في التعريف بقيم الإسلام، وجعل جهودها ملهمة للآخرين.