18 سبتمبر 2025
تسجيلإن الاختلاف في الأهداف والمصالح بين الدول أمر طبيعي، ولكن يمكن أن يؤدي هذا الاختلاف إلى مشاكل دولية قد تتعدد وتكبر، وقد تكون هذه المشكلات بين أكثر من دولة، ومن يملك من الدول (المفتاح) سوف يكون أمره محتوماً وسوف يعزز قوته ومركزه إقليمياً، وسوف يعالج مختلف شؤونه الدولية، وسوف يوفق بين مصالحه والدول الأخرى بهذا (المفتاح)، وذلك إذا تعارضت أو تضاربت هذه المصالح. إن الدولة الحديثة التي تمتلك مثل ذلك (المفتاح) دائماً ما تسوي الخلافات التي قد تثور بينها وبين غيرها من الدول، وتكون دائماً هي المبادرة بإيجاد الحلول الملائمة، لأنها تمتلك هذا (المفتاح)، اليوم نحن في دول المنطقة وفي صورة المنظمة السياسية الحديثة، وفي ظل مصلحة الدولة العليا في تبادل المنافع والمصالح مع الدول الأخرى، ومن ناحية أخرى تعزيز قوة وجودها في مواجهة البعض تحتم على من يملك هذا (المفتاح) إقامة علاقات ودية مع الدول الأخرى مهما كان نظامها بهدف استقرار العلاقات، ما لم تشكل تلك الدولة تهديداً لأمن الدولة القومي والسياسي وتبطن لها العداء، وهذا ما يسمى بدبلوماسية السلام، لذلك تجد أن أي دولة تمتلك (المفتاح) هي الأفضل والأجدر في تخفيف حدة التوتر وحل المنازعات الدولية والتوسط بين الدول لإيجاد حلول آمنة لجميع أطراف النزاع أو الاختلاف، هكذا تبرز أهمية هذا (المفتاح) في تطور العلاقات الودية والثنائية بين هذه الدولة وجميع دول العالم، باستثناء تلك الدول التي لا تمتلك ربع (مفتاح) ولا تعرف كيف تفتح لنفسها آفاقاً دولية أوسع بهدف تطور شعوبها واقتصادها وقوتها ومركزها. إن الشي المهم والضروري الذي يجب الإشارة إليه هو أن الدولة الحديثة لا تستطيع مجابهة التطورات الدولية والإقليمية والعيش بكرامة وأنفة ومنعة ما لم تمتلك ذلك (المفتاح)، ولا يمكن لمن لا يملك ذلك (المفتاح) أن يحتل مكاناً لائقاً بسمعته وهيبته الدولية، وإن كانت هذه الدولة وضعت لنفسها ولشعبها خططاً بعيدة وقريبة المدى، فإن تناول جميع جوانب حياتها الاجتماعية والثقافية والعسكرية والاقتصادية لن يأتي ثماره ما لم تمتلك هذه الدولة هذا (المفتاح)، إن هذا المفتاح الذي تمتلكه أكثر الدول قوة وتقدماً وتطوراً مالياً واقتصادياً وسياسياً هي التي تضع ما يتفق مع مصالحها وتراثها القومي والفكري والحضاري دون أن تكون تحت ضغط من أحد أو إملاءات وتوجيهات من أحد، لأنها امتلكت هذا (المفتاح) فأحسنت التصرف والتدبير. فوضعت هذه الدولة التي عرفت وقدرت قيمة (المفتاح) الخطط والمرتكزات في موضع التطبيق والتنفيذ، في حين أن من استهان بفعالية وقوة هذا (المفتاح) لا يملك أصلاً ما يطبقه ولا ما ينفذه لأنه عندما فُقد (المفتاح) فُقدت مهمة التطبيق فظل وأظل شعبه داخلياً وخارجياً، فأثرت تأثيراً كبيراً في وضع دولته وشعبه اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، فلا يعرف العولمة والنظام العالمي الجديد إلا اسمه، لدرجة أن بعض هذه الدول التي استهانت (بالمفتاح) وجدت نفسها حبيسة تحكم غيرها وتوجيهها لها، فضلاً عن توهمها بأنها تتمتع بالسيادة الكاملة، ناهيك عن أن تقيم علاقات دولية وودية برغبتها وإرادتها السياسية المسلوبة بواسطة ممثليها، لذلك أصبحت بعض الدول تدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أهمية هذا (المفتاح) لتعزيز قوتها الاقتصادية والسياسية والمالية والثقافية والعسكرية ولتعزيز العلاقات السلمية بينها وبين الشعوب الأخرى. - ما هو هذا المفتاح؟ إن هذا المفتاح هو دبلوماسية الدولة، وكيفية إدارة وتنظيم العلاقات والعمل الدبلوماسي، الذي ينظم علاقات الدولة مع الدول الأخرى، إن هذا المفتاح هو الجهاز الدبلوماسي للدولة، والذي استمدته من فن القواعد الدولية والقانون الدولي فمارسته الدولة الحديثة بإتقان وفن وحكمة وتروٍ وحنكة وكياسة، فاعتمدت على ركائز منها تخفيف شدة وحدة الضغوط بين الدول الأخرى، وتعزيز قوة مركزها الإقليمي والعالمي، وحسن تنظيمها وتكييفها للمستجدات السياسية العالمية، وحسن التفاوض الدولي، ووضع مرتكزات وخطط سليمة لسياسة الدولة الخارجية، وحسن اختيار وزراء الخارجية والسفراء والممثلين والقناصل والملحقين والمبعوثين الدبلوماسيين، وحسن حل المنازعات بطرق تكتيكية وفنية سياسية بهدف الوصول إلى حلول آمنة للجميع أو للأطراف المتنازعة، وتبلور عملها وتصرفاتها في إقامة العلاقات الودية بين الدول وبينها وتطويرها نحو الأفضل، واستخدام أدوات وأذرع وأداة سليمة وفعّالة لفك عقد المشكلات بحسن المفاوضة الدبلوماسية، وحسن التوفيق بين مصالحها ومصالح الدول الأخرى، التي تتعارض وتتضارب معها، وإقامة علاقات ودية دائمة وتاريخية بين الدول لفترات طويلة. هذه هي الركائز التي تصنع الدول وتنمي شعوبها وحضارتها، لذلك تعطي الدول المتقدمة أهمية قصوى لدبلوماسية الدولة ولوزراء خارجيتها وأعضاء البعثات الدبلوماسية لديها وممثليها في الخارج، وبحسن سير العمل الدبلوماسي الخارجي، إلى درجة أن وصلت هذه الدول بإعطاء أهمية للدبلوماسيين المؤقتين من الوزارات الأخرى وللأجهزة المتخصصة الأخرى في النشاط الخارجي مثل مكاتب التمثيل التجاري والإعلامي والعسكري والثقافي أهمية تفوق أهمية السفير نفسه، حتى أصبح لدى الدول الغربية الجهاز الدبلوماسي من أقوى أجهزة الدولة العاملة، وهي بلا شك إحدى شخصيات القانون الدولي، فلم يقتصر دور هذه البعثات الدبلوماسية على رعاية مصالح مواطنيها بالخارج فحسب، بل يجب أن يكون لدبلوماسية الدولة وزن في العلاقات الدولية فهو البديل الأفضل والقادر على تطور البلد سياسياً واقتصادياً وثقافياً وعسكرياً وفي كافة النواحي السياحية والطبية والرياضية والاجتماعية والعلمية وغيرها إذا أُحسن التصرف الدبلوماسي كعلم وقواعد وأصول وفن وأهداف وتنسيق وإلمام شامل ومعرفة دقيقة وإحاطة واسعة ومواهب وطاقات دبلوماسية ودور بارز وتوطيد جيد وتحمل المسؤولية والأمانة الوطنية وحسن اتخاذ القرار. هذه هي مرتكزات الدولة الناجحة اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، أهديها مجاناً لمن لم يهتدِ لمفتاح الدبلوماسية الناجحة الحديثة. مستشار وخبير قانوني [email protected]