16 سبتمبر 2025

تسجيل

الوجود اللاأخلاقي

22 نوفمبر 2018

من أعظم إنجازات أزمة الحصار الراهنة، هي أنها شرعنت أخلاقياً لوجود العديد من الأجهزة الإعلامية والبحثية في قطر. حيث عملت على تجاوز حالة الوجود اللاأخلاقي التي كان يستشعرها المواطن لهذه الأجهزة في المجتمع، حينما انغمست في الشأن القطري، حيث القضية قضية وجود وإن كان هناك انفصام بين الوجودين قبل الأزمة. حيث كان الوجود القطري إستاتيكياً منكفئاً على ذاته، بينما كان وجود هذه الأجهزة ديناميكياً باتجاه الخارج. على الرغم من أن قضايا العالم العربي وهمومه ومشاكله واحدة، كما لا أعتقد أن هناك خارجاً على حساب الداخل. الشعب القطري قضاياه هي قضايا الشعوب العربية الأخرى، في اعتقادي أن وجود هذه الأجهزة كان لاأخلاقياً قبل الأزمة، كما أوجد هذا الانفصام لغة تبريرية لاأخلاقية، مثل أنتم شعب صغير ومشاكله محدودة ومجتمع رفاهية، نحن لا نتدخل في شأنكم فلا تتدخلوا في شأننا، مثل هذه العبارات تتكرر، نحن نحمل رسالة الحرية للشعوب الأخرى، أنتم لا تطالبون بالديمقراطية أو هي ليست مطلباً ملحاً حيث الريع جعل منها طلباً مؤجلاً، لذلك نحن نعمل على نشرها للشعوب العربية الأخرى. من هنا كانت عبارة في قطر وليس من قطر، منطق هيمنة لا أكثر، وإن لم يفصح عن نفسه بشكل مباشر، من خيراتكم نبني لكم ما يحفظ لكم استبقاءكم المادي . إذا لم تتبنَّ قضايا الشعب أو فصلتها حسب اهتمامك ومصلحتك، فأنت لست منه وبالتالي وجودك فيه فائض عليه. من المهم للفرد أو للجهاز أن يكون وجوده أخلاقياً مهما بلغت درجة تأثيره، لذلك كانت فترة الحصار الراهنة فرصة لإعادة النزعة الأخلاقية اللازمة لوجود هذه الأجهزة ذات الرسالة. لا أتكلم عن الأفراد بقدر ما أتكلم عن رسالة الأفراد والأجهزة، الرسالة ذاتها يجب أن لا تستثني فئة لتستهدف أخرى بحكم الحاجة إليها وليس بحكم طبيعتها. قطر "كعبة المضيوم" كما قال سمو الأمير الوالد، نعم بشرط أن يكون وجوده إنسانياً، يعزز مكانتها، قطر الرأي والرأي الآخر، نعم بشرط أن لا يكون حصرياً، قطر صوت من لا صوت له، نعم بشرط أن لا يكون للخارج على حساب الداخل على كل حال، ينهي الحصار كأزمة وقضية خاشقجي كجريمة، وجوداً معلقاً لم يكن يشعر به المواطن القطري، بل كان يضيق بلا أخلاقيته إن وجدَ له من التبرير ما وجد. لقد أوجدت هاتان القضيتان، " الحصار واغتيال خاشقجي "، وجوداً أخلاقياً جديداً مكتملاً في الصوت والصورة رابطاً بين الزمان والمكان، أرجو أن يستمر حتى نؤسس لهذه المرحلة الأخلاقية اللازمة ونبني عليها، حيث لاشيء يأتي قبلها في حين يأتي بعدها كل شيء. [email protected]