11 ديسمبر 2025
تسجيلعجباً ( ترامب ) ! فعلى مدار تاريخ رؤساء الولايات المتحدة الأميركية لم يحظَ الأميركيون برئيس أقل ما يوصف به أنه ( متلاعب ) في أمور لا يُقبل فيها اللف والدوران كالذي يقوم بهما ترامب حالياً في حادثة تصفية الكاتب السعودي جمال خاشقجي التي وقعت في القنصلية السعودية في الثاني من أكتوبر الماضي في تركيا، فالمواقف التي خرج بها ترامب منذ تفجر هذه الحادثة تثبت أن هذا الرئيس قد ربط علاقات بلاده بشخص واحد في السعودية وليس مع دولة، وللأسف إن هذا الشخص هو شخص أثبتت مخابرات ترامب أنه الرأس المدبر لجريمة خاشقجي ومع هذا يصر الرئيس الأميركي على حماية طفله المدلل في قصر اليمامة بغض النظر عن المواقف الحازمة التي يطالبه بها أعضاء الشيوخ والكونغرس وكبرى الصحف الأميركية والمؤسسات الحقوقية في أميركا وما يهدد به أعضاء حزبه الجمهوري من تصويت ضد أي قرار من شأنه استمرار العلاقة مع السعودية من خلال ذاك المتهور الذي يستولي على سدة الحكم فيها، وهو الذي بات المتهم الأول في أبشع جريمة تحدث في قنصلية دبلوماسية رسمية. بالأمس خرج لنا ترامب في عيد الشكر الأميركي وبعد اطلاعه على تقرير نهائي من الاستخبارات المركزية الأميركية يفيد بتورط ولي العهد السعودي بشكل صارخ وواضح في جريمة خاشقجي بتصريح مبهم لا يكاد يفك رموزه إلا من يمكنه فهم شخصية ترامب المتقلبة جيداً، وصرح الرجل بأن محمد بن سلمان قد يكون على علم بجريمة قتل خاشقجي وربما لا !، وكأن ترامب بهذا التصريح يدين بن سلمان ويتهمه وفي الوقت ذاته يدفع عنه التهمة دون إدانة صريحة ولا براءة واضحة، في موقف يرضي فيه الداخل الأميركي لكنه لا ينسى إرضاء القيادة السعودية التي بات يهمها جداً موقف ترامب وتعتبره صك براءة فيما لو حكم ترامب لصالح بن سلمان وفضل الأموال السعودية على القيم وحقوق الإنسان التي لطالما تغنت بها المؤسسات الأميركية وجعلت من بلادها الملاذ الآمن لكل مظلوم، وهذا ما يعيب على ترامب من قبل بعض أعضاء الشيوخ والنواب الذين يرون في ترامب الشخص غير المؤهل للحكم في قضية معاقبة كل المتورطين في جريمة خاشقجي لا سيما وإن كان أولهم من لا يرغب ترامب في معاقبته وهو ولي العهد السعودي الذي استطاع أن يوحد رأي العالم فيه وهو أنه الشخص غير المؤهل الذي يمكن أن يقود المملكة في تحدياتها المقبلة والتي لا يمكن تجاوزها بوجوده خلفاً لوالده الذي يبلغ حاليا من العمر 82 عاماً ومن المفترض أن يكون ولده محمد ملكاً بعده، ولذا فمن الظلم الذي يمارسه ترامب في هذه القضية المروعة خلطه بين النظام السعودي ككل وبين اختزال هذا النظام في شخص بن سلمان الذي على ما يبدو أنه ترامب وجد فيه ما لا يمكن تعويضه في شخص آخر يمكن أن يدر مليارات الأموال وعشرات الآلاف من الوظائف على شعب أميركا مثلما يتباهى الرئيس ترامب على أنه حقق ذلك لبلاده من أكبر دولة نفطية في العالم وأكبر دولة غنية تبلغ نسبة البطالة فيها ما يزيد عن 60% بين أبنائها الذين يمتلكون شهادات بكالوريوس وعليا لكن دون وظائف فعلية يمكن أن تترجم ما تُعرف به دولتهم الغنية. كفى ونقولها لترامب الذي بات يتاجر في دم خاشقجي الذي مات غيلة وغدراً ولم يجد أيضاً من العرب والخليجيين من يستنكر هدر دمه وكأن الوقوف مع الحق في بلاد العرب هو الجريمة بحد ذاتها!، ولذا يبقى الأمل في الرئيس التركي الذي يبدو الوحيد حتى الآن المصمم على المضي في كشف كافة الحقائق التي تراوغ الرياض عن كشفها ويصر ترامب على إخفائها وينتظر الاتحاد الأوروبي لمن ستكون الغلبة فيها لتحديد موقفه، إلى جانب أنه بات من المضحك أن المرتبك عادل الجبير يتهم أنقرة علانية بعدم التعاون مع السلطات السعودية في إعطائها كافة الأدلة التي تمتلكها وكأن الجريمة كانت على أرض سعودية وفي قنصلية تركية !، وبانتظار ما سيقوله أردوغان لأن من سيملك الكلمة الأخيرة في هذه الحادثة هي تركيا حتى وإن بدا العالم بانتظار موقف أميركي صريح، فمن سيحرك هذا الموقف هو نشاط أنقرة نحوه ولذا كان الجبير محقاً في إبداء مخاوفه من خروج أكثر من شخصية تركية للتحدث عن المماطلة السعودية في تقديم إفاداتها، وهذا من شأنه أن يعكر صفو العلاقات بين البلدين متناسياً إن كان ترامب يحصر العلاقات في شخص بن سلمان، فأردوغان يبني علاقاته مع دولة يجب أن تكتمل أركانها الصحيحة ليمضي معها في علاقات جيدة !. فاصلة أخيرة: أميركا حليف أمني جيد لكن تركيا شريك طيب موثوق به!. [email protected]