10 سبتمبر 2025

تسجيل

شبــابٌ فـي الستيــن

22 سبتمبر 2022

سؤال أود من أحدكم أن يجيبني: هل المتقاعد إنسان ميت؟! إن لم تكونوا قد قرأتم الكلمة الأخيرة جيدا فأمعنوا بها أكثر لأنه للأسف يتداول كثيرون النكت والطرائف حول فئة المتقاعدين وكأنه يجب لهؤلاء بعد تقاعدهم من العمل أن يركنوا للزوايا المظلمة والهادئة لينتظروا الموت بصمت واستسلام! فهل هذا ما يجب أن يفعله المتقاعد الذي أمضى سنوات شبابه في خدمة عائلته وأفراد المجتمع وبلاده ليكون بعدها أداة سخرية لبعض مقاطع الفيديو الذي بات البعض يصممها ويتناقلها على مواقع التواصل الاجتماعي ويتندر بهذه الفئة الذي يصورها على أنها فاقدة للعقل والتحكم بمسار حياتها ومسار من حولها؟! في رأيي أن المتقاعد إنما تقاعد عن العمل فقط ولا يجب أن نحكم بتقاعده من الحياة والاستمتاع بها بالطول والعرض ولا يجب علينا أيضا أن نحيله نحن لخانة العاجزين الذين لا يجب عليهم التحرك إجبارا منا أو اختيارا منهم، فالرجل إنما وصل لسن معينة يجب عليه بحكم القانون أن يحال إلى التقاعد من العمل وربما كان لا يزال في أوج العطاء وكامل النشاط البدني والذهني لإكمال مهام عمله ولكن وصوله لعمر الـ 60 جعله تلقائيا يرخي حبال هذا العطاء ويحال إلى شخص كان يستيقظ في ساعة مبكرة من الصباح طوال سنوات عمله ويحضر لمقر العمل نشيطا أكثر من كثير من الشباب المتكاسل الذي يُجر متأخرا إلى دوامه غصبا ويخرج منه قبل انتهاء ساعات العمل حتى وصل بالشخص المتقاعد للاستيقاظ ربما في نفس الوقت الذي كان يستيقظ فيه للعمل ولكن هذه المرة ليس للخروج باكرا إلى عمله وإنما للانشغال بأمور بيته والتخطيط لما يمكنه أن يفعله هذا اليوم خصوصا إذا ما كان له عمله الخاص الذي ينشغل به طوال اليوم بنفس النشاط الذي كان عليه قبل أن يبلغ سن التقاعد. وأريد أن أسوق لكم مثالا حيا يخصني شخصيا وأفخر به، فوالدي حفظه الله وأطال في عمره يتجاوز عمره الـ 70 عاما لكنه لا يزال منشغلا بالعمل ولا أجد في نفسه أنه يميل للتقاعد والتخلص من أعباء العمل التي تلاحقه حتى وهو بيننا في البيت ولذا أرى فيه حياة وتعرفون ماذا تعني الحياة بصفة عامة فلم علينا أن نمنعه من شيء هو يرى ويحس أنه يحيا فيه ومعه؟! لم علينا أن ننصحه بترك أمر نراه يوميا يستعد له صباحا ويسير له بكل نشاط؟! لم علينا أن ننظر للأمر على أنه تعب وإنهاك لصحته ونحن نرى الصحة في شعوره بأنه لا يزال يعمل ويعطي وأن هناك من يحتاج لعصارة خبرته بل ولمهارة يده في العمل؟! فهل عليه أن يستجيب لنا وهو يرى أنه يعيش ويحيا بهذا؟! فهو يرى في العمل حياة وفي الانشغال بشيء يحبه حياة فلماذا يأتي صغار عقل مثل هؤلاء ليطلقوا تفاهاتهم على كل شخص كبير بالسن على أنه عاجز أو فاقد لعقله أو غير قادر على التحكم بأسلوب حياته وأنه مصدر خجل لمن حوله؟! فقد رأيت عدة مقاطع فيديو على موقع (إنستغرام) تسخر في مقاطع حية تصور الرجل الكبير في السن وكأنه طفل عابث ومكتوب على هذه المقاطع (هذي آخرة التقاعد) ولو بحثت عن العابثين هؤلاء لرأيتهم كسالى يحملون أثقالا فوق أثقالهم ويرهقهم العمل والنهوض باكرا وعجائز في العمل والهمة أكثر من العجائز أنفسهم الذين يخونهم العمر والصحة لكنهم لا يفتقرون للعزم والهمة ولذا ترفقوا بهؤلاء (الشباب) لا (الشياب) وكونوا لطفاء معهم فهم في النهاية يمثلون والدي ووالدك ومن هم أقرباء لنا.. فهل وصلت الرسالة؟!.