15 سبتمبر 2025
تسجيل* يولد الإنسان طفلا نقيا وطريا تحمله الأيدي وتحضنه الصدور وتتسارع الأجساد وتهفو القلوب إليه عند البكاء، يتوجع الوالدان لوجعه، وتسهر الأعين لسلامته وتسهر الأم وتكيف ساعتها البيولوجية مع ساعته.. وتمر الأيام.. ليحبو، وليبدأ محاولة الوقوف والتعثر والصراخ.. وانتظار اكتمال عامه الأول، ليطفئ شمعة ميلاده الأول والذي لا يذكر منه شيئا ولا يستوعب الفرح ولا يعرف معنى التجمع ولا يعرف قيمة عدد من الألعاب والهدايا التي قدمت إليه. * تتشكل شخصية الطفل من الثلاث سنوات الأولى.. وتمضي السنوات بالتحاقه بالحضانة والروضة والمدرسة. ينسى كثير من أولياء الأمور هذه المرحلة والتي ربما تركوا المساحة أمام الطفل في نقاشاتهم، وربما مشاكلهم، صراخهم.. والتي تأخذ لها مساحة في رؤيته البصرية وفهم عقله الطري.. وأثر على قلبه الأبيض. * كما تلك الصور يبقى لها أشكال الأثر والتأثير.. تترك الكلمة الحلوة، والموقف الجميل والصوت الحنون.. والحضن الدافئ والنصيحة الصادقة، والاحتواء الحقيقي الذي يكون هدفه مصلحة الطفل.. وتترك اللمسات والحوارات الهادئة بين أفراد الأسرة والوالدين تحديدا على نفسية الأطفال وشخصيتهم. * عندما يكبر الطفل ويصل لعمر المراهقة، وسن الشباب يكون تأثير الرفقة والأصحاب الأثر الأكبر.. ويرافقه مراقبة أولياء الأمور لتحركاتهم وسؤالهم ومعرفة مع من كانوا وأين يكونون، الثقة بهم أمر مهم، ولكن لا يترك الحبل على الغارب لتتهاوى به الرياح كيفما شاءت! وإنما ترك ويرخى الحبل بتحكم وسيطرة أبويه حماية لأبنائهما. * قد يفتقد عدد من الأطفال والشباب معنى الصديق، ويجدون الصحبة فيما يحملونه من هواتف ذكية أصبحت لحالها عالما متكامل الأشكال والصور والسلبيات، والإيجابيات التي لربما لا يلتفت إليها بقدر الالتفات والتأثر بالسلبيات والقدوات السلبية والسعي لتقليدهم ! * لقاء سعادة وزيرة التربية والتعليم سعادة الأستاذة بثينة النعيمي في مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع والذي عقد في مكتبة قطر الوطنية، أعلنت خلالها عن عدد من المبادرات.. ومن ضمنها الاهتمام بالقراءة ونشاط المكتبة، والاهتمام باللغة العربية.. وغيرها من مبادرات، نتمنى أن تأخذ لها حيز التنفيذ والاهتمام بالطلبة بقرارات وحسن اختيار من يضعها ومن يقوم عليها ومن يتابع كل ذلك.. * تتكون شخصية الطفل والمراهق والطالب بشكل مهم وكبير خلال سنوات دراسته.. ومدى قرب الأساتذة ومراقبتهم للطلبة وإيجاد حلقة تواصل وعلاقة جميلة تصب في مصلحة أجيال لتبني الوطن وليأتي بعدها من يكمل المسيرة.. وكذلك أهمية الأنشطة التي يمارسونها. * عندما ننشئ أجيالا تعرف قيمة الالتزام بتعاليم دينها والحرص على الحجاب للفتيات والطالبات، والحرص على صلاة الجماعة في المدرسة، والالتزام بمبادئها وأخلاقها، وعندما ننشئ جيلا ينتسب بثقة لأمة "اقرأ" وعندما نحرص على جيل يحرص على لغته العربية، وعندما ننشئ جيلا متحدثا ومحاورا.. * وعندما ننشئ جيلا يعرف تاريخه ويفتخر به، وجيلا يدرك الخطأ من الصواب، وجيلا يدرك معنى العقاب لخطأ وتقصير ارتكبه، ومعنى التقدير والمكافأة والتكريم لتميز حققه، وعندما نربي جيلا يحترم الشعوب والثقافات، ويحترم عادات وأعراف وثقافة مجتمعه، عندما نحرص على إيجاد وتنشئة أجيال واثقة وقوية تتمسك بمبادئها وتعاليم دينها ولا ترضى لها بديلا.. * آخر جرة قلم: عندما نحرص على كل ذلك.. بدءا من الأسرة والمنزل ومرورا بسنوات الدراسة ووصولا لمرحلة العمل.. ثقوا أنكم ستخرجون أجيالا قوية ومتماسكة وحريصة على ذاتها وأرواحها وعقولها.. بحرص عام وأكبر وأشمل بحرصها على أمانة خدمة وطنها، وتمثيله بأفضل صورة في كل مكان، ويشكلون شعب دولة قوية تضاهي وتنافس أكبر الدول مساحة وسكانا.. فالثروة الحقيقية الباقية هي الثروة البشرية والارتقاء بها لبناء الوطن.. وتقدمه..