13 سبتمبر 2025
تسجيلتشير الدراسات العالمية إلى أن الأيتام لديهم فرصة أكبر من غيرهم أن يكونوا قادة في المستقبل، لأنهم يحصلون على العطف من أمهاتهم، ولديهم فرصة إجبارية لممارسة القيادة، والفكرة هنا تكمن في كيفية تربية أبنائنا على تلك الروح الفتية نحو القيادة ونحن مازلنا على قيد الحياة! إنه (الانسحاب)، فالحل أن ننسحب من حياتهم شيئا فشيئا، ونجعلهم يساعدوننا في قيادة البيت. يحكي أحد الآباء: (علمت فجأة أنني مصاب بمرض خطير، وقد أغادر الحياة في أية لحظة، وكأب عدت إلى غرفة أولادي وبكيت: كيف سأترك هؤلاء الصغار؟ ماذا سيفعلون من بعدي؟ ثم استعذت بالله تعالى، وتذكرت أنني أكَال ولست برزاق، وبعد طول تفكير قررت أن أربيهم على أنهم (أيتام)، بمعنى أن أنسحب من حياتهم تدريجيا، ووضعت لذلك هدفا وهو أن يعتمدوا عليَّ أنا بنسبة 20 % فقط، بينما يعتمدون على أنفسهم بنسبة 80 %، وبدأت تنفيذ الخطة، بدأت أشجعهم على أن يفعلوا كل شيء يمكنهم أن يستغنوا عني فيه، مع متابعتي لهم ووقوفي بجوارهم، كنت فيما مضى أحمل الأكياس ونحن عائدون من السوق، واليوم يحملونها هم، قديما كنت أذهب لشراء الأدوية، واليوم يذهبون هم، وبالتدريج أصبحوا هم من يتصلون بالصيانة، ويقفون مع العمال، ويتابعون بعضهم في المدرسة، فالكبير يزور الصغير ويدفع له المصروفات، وغيرها من الأعباء والمسؤوليات التي تحملوها عني، وحققوا فيها نجاحا لم أكن أتوقعه، وسبحان الله! ذهبت للطبيب في الموعد المحدد بعد مرور عام كامل، وابتسم قائلا: لقد حدثت معجزة، فالأشعة تثبت زوال الخطر، فقلت في نفسي: ربي ما أحكمك! لقد مررت بتلك الفترة العصيبة حتى أصنع من أبنائي رجالا يعتمدون على أنفسهم، وقد نجحت بفضل الله، لقد أنجزت في هذا العام ما لم يكن لي أن أنجزه طوال العمر. برغم مرارة التجربة وقسوتها، إلا أنها تدق ناقوس الخطر لدى الكثير من الآباء، فنحن الآباء نعتقد أن توفير الحياة الرغدة لأبنائنا وتدليلهم، وعدم الضغط عليهم لتحمل المسؤولية، وعدم تحميلهم الأعباء، كل ذلك من علامات التربية الصحيحة، وذلك بدعوى أنهم سيكبرون وسيكونون آباء وأمهات، فلا داعي أن نرهقهم وهم صغار، ولكن ذلك سيؤثر فيهم سلبا لا إيجابا، فنحن بذلك سنخرج للمجتمع أفرادا اتكاليين، لا يتحملون المسؤولية، ولا يقدرون قيمة العمل والحياة الكريمة. ما أجمل أن يجلس الأبوان، ويكتبان كل الأشياء التي يقومان بها نيابة عن أبنائهما، ويمكن للأبناء القيام بها حسب أعمارهم، وكلما بدأنا مبكرين كانت النتائج أفضل، فلندع أبناءنا يدفعون ثمن المشتريات، ويختمون جوازات السفر، ويتعاملون مع عمال الصيانة، ويطبخون بعض الوجبات السهلة، ويساعدون بعضهم البعض في المذاكرة. هيا ندع أبناءنا يعيشون الحياة الحقيقية التي سيرونها فيما بعد، حتى لا تكون المفاجأة قاسية عليهم، وعندها ستكون أول عبارة ينطقون بها ممزوجة بالحسرة: لماذا لم تحملونا المسؤولية؟