07 نوفمبر 2025
تسجيلحملَ حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى هموم شعبه الوفي إلى داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتحدث نيابة عن كل فرد قطري واجه الحصار الجائر على دولة قطر من قبل بعض الأشقاء في كل من (المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، وجمهورية مصر العربية). كما عبّرَ سموه عن اعتزازه بالشعب القطري وكل من يقيم على أرض قطر، داعيًا إلى حفظ السلم والأمن الإقليمي والدولي بالالتزام بميثاق الأمم المتحدة وقواعد الشرعية الدولية، والتي اعتبرها سموه من أولويات السياسية الخارجية القطرية.خطاب فيه من الشفافية والصدق والألم أيضًا لما بدرَ من الأشقاء من حصار غير مبرر على الشعب القطري، لكنه حمل أيضًا معاني الصمود وصلابة الموقف القطري الداخلي، "ويبدو أن الذين خططوا له ونفّذوه، تصوروا أن تحدث تلك الخطوة أثرًا صادمًا مباشرًا يؤدي إلى تركيع دولة قطر واستسلامها لوصاية شاملة تُفرض عليها"، وكانت تلك إشارة واضحة للهدف الرئيسي للحصار، وهو ما دأبت عليه دول الحصار منذ عام 1995، حينما صدعت دولة قطر برفض الوصاية من أي طرف، وأن تمارس سيادتها بعيدًا عن إملاءات أو حتميات تاريخية طُبقت في الماضي، ضمن "تراثيات" العلاقة الخليجية/الخليجية، والتي ارتهنت إلى المجاملة وتراكم قضايا الخلاف.ولقد وجّه صاحب السمو اللومَ الصريح والقوي إلى دول الحصار لعدم اعتذارها عن تدخلها في سيادة دولة قطر عبر اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية وبث خطاب مُختلق لسمو، برغم نفي المسؤولين القطريين في حينه لذلك الخطاب وإعلانه خطابًا مفبركًا لا أساس له من الصحة، وهذا ما تجاهلته الدول المحاصِرة، وظلت منذ يوم الحصار في 5 يونيه 2017 تمارس ذاك التجاهل وحتى هذا اليوم.لقد استهدف الحصار الشعبَ القطري في محاولة للضغط عليه ودق إسفين بينه وبين قيادته وذلك باستهداف سيادته وتعكير حياته بمنع وصول الغذاء والدواء، وتقطيع صلات الرحم، حتى يُغير هذا الشعب الأبي من مواقفه السياسية تجاه حكومته، واعتبر سموه تلك التصرفات بأنها تدخل في مفهوم الإرهاب، وأنها مخالفة صريحة لاتفاقية منظمة التجارة الحرة وميثاق حقوق الإنسان، التي:"سببت أضرارًا للآلاف من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي والمقيمين على أراضيها، اجتماعيًا واقتصاديًا ودينيًا، حيث انتهكت أبسط حقوق الإنسان في العمل والتعليم والتنقل والتصرّف بالملكية الخاصة".لقد وضع سمو الأمير أمام العالم حقيقة المشهد القائم في المنطقة، هذا المشهد الذي تحاول شركات العلاقات العامة التي يتم استئجارُها لخلق حالة دولية مخالفة للمشهد القائم، وبث مغالطات تحول دون تفسير المشهد تفسيرًا منطقيًا وحقيقيًا.خطاب الشفافية والحزم - والذي أوضحَ بكل جلاء ما قامت به دول الحصار ضد الشعب القطري – هو تدخل في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة، يُدينه ميثاق الأمم المتحدة بالأساس، وبقية المواثيق الملحقة به، وكذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لأن الحصار لم يقتصر على التضييق السياسي والدبلوماسي فحسب، بل طال المواطنين الآمنين، والذين يعيشون في تناغم مع قيادتهم، ونغّص عليها ذاك العيش.وطالب سمو الأمير المفدى بمحاسبة دول الحصار دوليًا، لأن تلك الدول "تتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من البلدان، وتتهم كل من يعارضها في الداخل والخارج بالإرهاب، وهي بهذا تُلحق ضررًا بالحرب على الإرهاب". كما فنّد خطابُ الشفافية والحزم ادعاءات دول الحصار بأن دولة قطر تدعم الإرهاب وتتدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول! وحتى اليوم لم تقدّم تلك الدول أي أدلة على تلك الادعاءات. وبلهجة الواثق، عبّر سموه عن هذا الموقف قائلًا: "وقد وعدت تلك الدول المحاصِرة أن تقدم الأدلة ومزاعمها العبثية وافتراءاتها ضد دولة قطر، والتي تغيّرت حسب هوية المُخاطَب، وما زال الجميع ينتظر أدلة لم تصل ولن تصل، لأنها غير موجودة أصلًا، ويوجد نقيضها الكثير من الأدلة حول مساهمة قطر في محاربة الإرهاب باعتراف المجتمع الدولي كله".هكذا إذن، كان خطاب الشفافية والحزم، انطلق بصوت الحق بكل وضوح، مزيلًا غشاوة صنعتها آلات الإعلام في دول الحصار وشركات العلاقات العامة الدولية، موضحًا الحقيقة للذين "انجرّوا" عبر الكذب للاصطفاف مع الباطل ضد الحق، ومع الشر ضد الخير، إما لهدف سياسي أو لهدف مادي، من تلك الدول المتكئة على رصيف التاريخ، والمتلونة مواقفها حسب قانون "الدفع" الدولاري.ومن موقف القوة والثبات دعا سمو الأمير إلى الحوار الصريح غير المبني على إملاءات، مُبديًا استعداد دول قطر "لحل الخلافات بالتسويات القائمة على التعهدات المشتركة، فحل النزاعات بالطرق السلمية هو أصلًا من أولويات سياستنا الخارجية، ومن هنا أجدد الدعوة للحوار غير المشروط القائم على الاحترام المتبادل للسيادة".فماذا يريد أصحاب الحصار أفضل من هذه الدعوة الحضارية لحل الخلاف مع دولة قطر؟ وهي دعوة العقل التي ترفض "موروثات التاريخ" بين الدول، وتؤسس لعلاقات تبادلية ترفع الظلم الذي نتج عن الحصار ليس عن الشعب القطري فحسب، بل عن شعوب الدول المحاصِرة، وتعيد مشاهد المحبة والتلاحم بين أهل الخليج.ولقد أوضح سموه في ذاك الخطاب مواقف دولة قطر المرتكزة على استعداد دولة قطر للحوار مع الأشقاء المحاصِرين للشعب القطري، وهي دعوة إيجابية وشجاعة، خصوصًا وأن الشعب القطري قد استوعب "صدمة" الحصار المفاجئة، وقامت الدولة بكل الإجراءات اللازمة لعدم تأثُّر حياة المواطنين والمقيمين بأي تأثير جراء الحصار. خطابٌ أبكانا فرحًا، وبرّدَ قلوبنا التي شَقيت من تصرفات الأشقاء! فقط لأن دولة قطر حققت ما لم تحققه تلك الدول لشعوبها، ولم تصل لما وصلت إليه دولة قطر في سنوات معدودات من موقع سياسي واقتصادي واجتماعي شهد به كل العالم.جاء الخطاب زاهقًا للباطل، يحمل شموخ القطريين واعتزازهم بشخصيتهم التي لم تتعود على الانحناء لقدريات الدهر، وإملاءات السياسية القابعة في "تابوت التاريخ".نقول أخيرًا: شكرًا تميم المجد!