12 سبتمبر 2025
تسجيلغدا الموافق التاسع من ذى الحجة يقف ملايين من البشر على جبل عرفات يؤدون من خلالها مناسك الحج طالبين من الله عزوجل العفو والمغفرة على كل مامضى من سنوات من اخطاء وتقصير مع الله فى حياتهم ومع الاخرين وكل رجائهم أن يتقبلهم قبولا حسنا عنده من خلال وقوفهم وهم متوجهون إليه رافعون اياديهم بالاستغفار والتسبيح والدعاء والصدقة والخشوع وهم موقنون بالاجابة والرحمة والعفو من خلال ما ذكره عزوجل فى كتابه الكريم (قل لعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لاتقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا) وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، إنه ليدني، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء)، ورحمة المولى عز وجل لم تخص فقط كل من توجه الى اداء مناسك الحج ولكن كافة المسلمين بكل بقاع الارض من مشارقها ومغاربها وان من يصوم يوم عرفة فقد غفرت له ذنوب سنة ماضية وسنة قادمة وقد روى مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده" والكثير منا يدركون عظمة هذه الايام وبالاخص هذا اليوم بين قلوب المسلمين وهم متضرعون إلى الله بأموالهم وانفسهم وقلوبهم آملين من الله ان ينظر اليهم نظرة رضا ورحمة ومغفرة خاصة فى ظل تقلب الاحداث السياسية والمجتمعية لكثير من الدول وقد تكاتفت القلوب وهي متضرعة الى الله بنصرة الاسلام والامة العربية ودحر كل من أراد بها سوءا او مكروها. ولكن فى هذا اليوم يتطلب من كل منا ان تكون له وقفة مع نفسه وجوارحه سواء من توجه الى عرفات او من يقابل ربه بالصيام والقيام من وطنه بأن يراجع كل حساباته ومواقفه من خلال عرض كل معاملاته واخلاقياته وآدابه مع الله أولا من حرصه على علاقاته مع الله واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ام لا، ومنها ما قدمه للاسلام وخدمة المجتمع من علم ومعرفة وتبليغ رسالة هادفة وايجابية مؤثرة فى نفوس البشرية ام عاش لنفسه فقط، ووقفة اخرى لكل قيادى او مسؤول ماذا قدمت من خلال المناصب التى شغلتها طوال فترات وسنوات؟ هل حققت العدل وكنت حريصا على المال العام وسخرت كرسيك من اجل نهضة المجتمع ام من اجل تيسير مصالحك الخاصة ورغباتك الشخصية؟ وكيف كنت مع من توليت امورهم من الموظفين والرعية تحت يدك ونصب عينيك؟ وكم عدد القرارات التى صدرت منك كانت من اجل الصالح العام ولم تطغ على احد منهم؟ ولنا وقفة مع اصحاب الضمائر فى المكسب الحلال والحرام من التجار والاسعار المتداولة، فهل كنت عادلا ولم تقبل الحرام وحققت الميزان الذى سينصب يوما فى يوم القيامة لتسأل عن الميزان؟ ولنا وقفة مع كل معلم ومعلمة، هل قدمت الرسالة الكافية للنهوض بأبناء مجتمعاتكم وكنتم خير قدوة لهم فى العلم والسلوك التربوى والاجتماعى الصادر منكم ام سعت نفوسكم وراء التكنولوجيا الهاوية واعتمدت على مفرادتها وآلياتها فقط؟ ولنا وقفات مع الاسرة وكل راع مسؤول عن رعيته فهل قمت ايها الزوج والزوجة بكامل واجباتكم الاسرية تجاه بعضكم البعض وتجاه ابنائكم؟ وهل حافظتكم على كينونة الاسرة وهى المودة والرحمة وتوزيع الادوار والمسؤوليات كما اوصاكم بها كتاب الله وسنة نبية المصطفى صلى الله عليه وسلم ام سيطرت على عقولكم ونفوسكم بوادر الانفتاح الثقافى والتكنولوجى وغلبت عليكم ثقافة الغرب وسعى كل منكم وراء رغباته واهوائه ودمرتم الاسرة التى هى نصف المجتمع بغيابكم وعلاقاتكم وسفركم وانتهى المطاف إما إلى الطلاق العاطفى او التفكك الاسرى والضحية هم الابناء؟ واما وقفتنا مع الشباب العربى وطموحاتهم فى هذا اليوم فهل كنتم خير الشباب بعلمكم ودينكم وثقافتكم ام انجرفتم وراء الشهوات والفضائيات وثقافة الاستهلاك والاسراف ورحل منكم الكثير بالغياب الواعى ام بالحوادث او بالترف ورحيل العقول منكم ومنها فتيات الامة والدور الاجتماعى والدينى والعلمى وقدرتك على تحمل الاعباء وصون الاسرة والمجتمع من خلال عاطفتك وخلقك ودينك وقدرتك على الاحتواء والاتزان فى الاسرة والمجتمع ام انجرفت وراء الموضة والاسراف والتقليد الاعمى؟ وهناك العديد من الوقفات التى نأمل أن لا تمر مرور الكرام وإلا كانت امام اعيننا ونسأل الله ان يثبتنا على الصراط والتقوى فى الدنيا والآخرة.