13 سبتمبر 2025
تسجيلكشفت شركة رائدة في مجال التكنولوجيا عمّا أسمته "ثغرات أمنية خطيرة" في أجهزة الاتصال والحواسيب، مُشيرةً إلى أن هذه الثغرات قد تسمح "للمهاجمين بالسيطرة الكاملة على هذه الأجهزة"، وأن باحثين لم تُكشف عن هويتهم أبلغوا عن وجود هذه الثغرات. لم تُحدد الشركة توقيت اكتشاف هذه الثغرات وما نجم عنها. انتهى البيان هنا، والتزمت الجهات الرسمية المسؤولة عن الأمن السيبراني في الدول بتوزيع هذا البيان ودعوة الناس إلى التنبه لضرورة تحديث الأجهزة وتحميل هذه التحديثات. وهذا إن دلّ على شيء فقد دلّ على أن أغلبنا ضحايا سعداء، لا نُدرك كيف خُرقنا ولماذا وما الذي خُرقنا به وكيف تأثرت حياتنا وبياناتنا؟ وكيف تواجه حكوماتنا نفوذ الشركات العابرة للقارات وكيف تحمينا منها؟ على خط مواز، سحبت إحدى الشركات الكبرى منتجات بودرة أطفال شهيرة حول العالم، وذلك بعد الدخول في مواجهات قضائية مع ضحاياها، ودفعت الشركة أكثر من 400 مليون دولار لأنها تسبب بالسرطان للعديد من الأصحاء؟ طيّب، ماذا عن مستخدمي هذا المنتج في الدول العربية على مدار عقود؟ وما الذي قامت به حكوماتنا في هذا الصدد؟ هل سمعنا عن تقارير بحثية عربية بيّنا فيها عدد الذين استخدموا هذا المنتج، وهل رصدنا حالاتهم المرضية ربّما لمقاضاة الشركة نفسها؟ المغزى مما ورد أعلاه، أننا ما زلنا نعمل وفق عقلية التابع والمتبوع، ننُفّذ البيانات الصادرة عن الشركات الدولية العابرة للقارات دون تحميلها أي مسؤولية؟ والسؤال، هل ستدعم الحكومات العربية إعلاميًا وقضائيًا قضية أي مواطن عربيّ يُقاضي مثلاً شركة تكنولوجية رائدة لأنها "خرقته أمنيًا" أو شركة أخرى تسبب له بالسرطان؟ أو ما الذي ستقوم به هذه الحكومات إذا طلبت إحدى هذه الشركات العملاقة ملاحقة مواطن عربي قضائيًا لأنه "سبّ وقذف" منتجاتها، أكاد أجزم أن عدد من السفارات الغربية ستتحرّك احتجاجًا وستُهدد العلاقات الدبلوماسية؟ نحن لا نضع أنفسنا في موضع تحميل حكوماتنا مسؤولية وجود مواد مسرطنة في منتجات معينة، خصوصًا وأنها مُصادق عليها دوليًا. ولا نحملها أيضًا مسؤولية اكتشاف ثغرات أمنية، ولكّننا نحمّل أغلب الحكومات مسألة النقص في تمويل البحوث العربية لأنها ركيزة أساسية لحمايتنا. ألّا تدعونا هذه الأخبار لإعادة النظر في أولوياتنا التنموية؟ لقد مرّ أجل طويل على اهتماماتنا بالزواج والطلاق والمرأة والذكر وما شابه ذلك من انشغالات يومية تكاد عقولنا تهرم منها مثال: هل يحق للزوج أخذ مال زوجته؟ قد تكون الثغرات الأمنية مفروضة علينا، ولكننا نُحاصر أنفسنا كشعوب بثغرات فكرية تحوّلت مع الزمن إلى حفرة عميقة ومُظلمة ومرعبة.. ترمي فيها الشركات العابرة للقارات بياناتها الصحافية، لنُعرّبها ونوزعّها على مؤسساتنا الرسمية.