12 سبتمبر 2025
تسجيللا صلاح لهذه الحياة ولا صلاح للفرد والمجتمع ولا سعادة حقة وراحة فيها ما لم نعد لمتنها وأصلها الخير الذي لا تقوم إلا عليه ولا تستمر إلا به، فالإنسان خلق ليحيا في إطار مجتمع يكون عنصرًا فعالًا فيه ولكل منا دور في هذه الحياة والخالق بحكمته وضع قوانين التعايش وضوابط تضبط كل فعل وكلمة وعملية البناء تبدأ من اليوم الأول الذي يولد فيه الإنسان ويستمر في بناء نفسه وشخصيته وخلقه في كل خطوة يخطوها وحياتنا هي جزء من حياة غيرنا وغيرنا حياته جزءً من حياتنا ولن يستطيع أي منا أن يحيا وحيدًا ولن يستمر من يحيا مع نفسه بلغة الأنا فذلك قانون حياة. ولعل الاختلاف فيما بيننا هو أصل من أصول التعايش بل وهو سببًا ليستعين كل منا بالآخر فتصبح حياتنا تبادليه تجمعها منافع مشتركة تقوم جميعها على أسس موحدة نختلف في تطبيقها واستثمارها وتحقيقها فالأخلاق والأمانة والصدق والعدل درجات تختلف من شخص لآخر ولكنها أسس لا يمكن الاختلاف عليها ولعل فهم القيم ومحاولة العمل من خلالها والحياة بها هي أساس مهم لبناء مجتمع سليم وعقول ملهمة ونفوس طيبة. إن لغتنا وعقيدتنا وفقهنا الذي هو أساس مهم في تكوين ثقافتنا ومن خلالها نحيا ونتعايش لم تغفل أي جانب من جوانب الحياة ولكننا تجاهلنا تعلمها وتعليمها بل والعمل بها في أحيان كثيرة فأفقدتنا أسسًا مهمة نعاني اليوم من غيابها داخل المجتمع الواحد. سيأتي جيل يعاتبنا لأننا لم نعلمه الفضائل التي هي أساس العلم والتعليم ويحملنا سبب انحرافه فنحن نفتقد لتعليم القيم التي على أساسها تقوم الحياة فالتاجر الناجح يحتاج للقيم في تجارته والطبيب مهنته تقوم على القيم والمعلم بلا قيم يفسد جيلا بأكمله والموظف لديه قيم لابد أن يعمل من خلالها والمجتمع بأكمله عبارة عن منظومة قيم تدير عالمه وعلاقاته وأحداثه ففي كل شأن من شؤون الحياة هناك قيم تحكم ظاهر العمل وباطنه ولكن الكثير منا اليوم يفتقد لتلك القيم والأخطر أن هناك من يجهلها وليست في قاموس حياته واهتماماته فيظلم هنا ويغدر هناك ويمكر لهذا وينافق ذاك وحينها تضيع الأمانة وتغلب المصالح الخاصة على مصالح العامة. إن غياب القيم هو السبب في وجود الفساد بكافة أشكاله لأن الفساد في أصلة ومتنه لا يعترف بالقيم ولا يعيش ولا يتعايش معها وعندما تعجز الأنظمة والقوانين في محاربة الفساد فعلينا أن نعيد سلاح القيم ليحارب الفساد بكافة أشكاله وأنواعه وأدواته فهو السلاح الوحيد الذي ما زال في غمده.