16 ديسمبر 2025

تسجيل

حفلة عزاء !!

22 أغسطس 2011

لحظات تعيشها أسرة فقدت ولدتها وأمها الحنون، الأم التي أنجبت وربت ورعت ومن ثم حنت وأعطت الكثير ولم تبخل على أبنائها والأهم أنها زرعت الحب بينهم، تلك اللحظات الممزوجة بالألم والحزن والدموع ومشاعر لا يمكن أن يشعر بها إلا من اكتوى بنارها رغم أن الموت حق ولكنه مصيبة تحتاج إلى الصبر والمواساة والتعزية، للأسف تلك اللحظات قد نحولها نحن ببعض العادات التي غزت مجتمعنا واستشرت فيه إلى ما يشبه الاحتفال، ويتحول المعزون إلى مدعوين نستقبلهم بالأحضان ونرحب بهم ونوسع لهم في المجلس، ونتبادل معهم الأحاديث والذكريات، خاصة أننا أصبحنا لا نرى معارفنا ولا أصدقاءنا إلا في مثل تلك المناسبات سواء كانت فرحاً أو ترحاً!! ومن ثم ندعوهم إلى تناول الطعام الذي تكلف الأهل والمعارف في إعداده وتقديمه مشاركة منهم لأهل العزاء، ولكننا أصبحنا نسرف في هذه الأمور بل وصل الأمر إلى نوع من التفاخر والمظاهر، والتباهي من يقدم أكثر كمية وأكثر اختلافاً، فأصبح ذلك عبئاً يقع على أهل العزاء، كون ذلك يحتاج إلى التجهيز والترتيب وتقديم العصائر والسلطات وغيرها، مما يجعل هؤلاء في فكر من أن الوليمة المقدمة تتناسب مع المدعوين أم لا؟! والعجب أن بعض هؤلاء المدعوين قد يطلبون طلبات خاصة لزيادة الاستمتاع بالطعام والمنكهات لتطييبه، بل أصبحت الأصوات عالية في مجالس العزاء بل امتد ذلك إلى الضحك رغم أن الموقف يرفض ذلك! فلم يعد لقراءة القرآن أي أذن مصغية ولا خشوع ولا تدبر آياته، خاصة أن الموت يعطي الإحساس أن الحياة التي نعيشها ما هي إلا لحظات نستمتع بها ومن بعدها نكون في مكان ضيق لا نرى الأحباء ولا الأهل، ولا نرى تلك الأيدي المرتفعة إلى السماء تدعو الله عز وجل وتطلب الرحمة للميت والصبر لأهله وحسن الخاتمة. للأسف في المقابل نرى تلك الجموع التي تتخذ من الأصنام والأوثان عبادة لها تقدسها وتصمت وهي في حضرتها وتقدم لها الأكل والشراب اعتقاداً أنها تأكل وتشرب، بل إنها تبذل الجهد يومياً لتنظيفها وزيادة لمعانها وتلبسها الورود يومياً وهم في لحظات الموت صامتين خاشعين، وكأنهم في محراب، ونحن لا نقيم لهذا الكتاب وزناً إلا في المناسبات أو في شهر رمضان ويظل شهوراً عديدة يعلوه الغبار ومحفوظاً في خزائن الكتب أو في أركان البيت أو داخل سيارتنا، إن القرآن خلق ليقرأ ونتدبر معانيه وآياته ونعي تعاليمه. إن من المفروض أن ندرك أن حالة الموت تستوجب الاحترام وتقدير حال أهل الميت ومواساتهم وتذكيرهم أن هذه سنة الحياة وكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذي الجلال والإكرام، وأن نستعين على المصيبة بالصبر والصلاة وأن الله يحب الصابرين، إضافة إلى تخفيف إقامة الولائم وتكليف أهل الميت إرهاقاً جديداً، ويا بخت من زار وخفف!! والله يرحم موتانا وموتى المسلمين وينور قبورهم ويوسع منازلهم ويسكنهم الجنة... آمين.