26 أكتوبر 2025
تسجيلعندما كان معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، يدرس للحصول على بكالوريوس العلوم الشرطية من كلية درهام العسكرية، كنت أدرس في جامعة درهام للحصول على الدكتوراه، وتخرجنا معا في درهام عام 1984. ومع أن معاليه اختار العمل الميداني كضابط للدوريات بقسم شرطة النجدة، إلا أنه وفي 1995، حصل على ليسانس الحقوق من جامعة بيروت العربية. وتدرج في الوظائف حتى تم تعيينه، في 2004، كقائد عام لقوة الأمن الداخلي (لخويا) (ولا يزال يشغلها). وفي فبراير 2005، تم تعيينه وزيراً للدولة للشؤون الداخلية وعضوا في مجلس الوزراء. ومع التعديل الوزاري، الذي تم في 2008، تمت إعادة تعيينه بنفس الوظيفة، ومع انتقال الحكم من سمو الأمير الوالد إلى سمو الأمير المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في يونيو 2013، تم تكليفه برئاسة مجلس الوزراء، مع احتفاظه بحقيبة وزارة الداخلية. لقد أدرك معالي الشيخ عبدالله بن ناصر أهمية سرعة تبادل المعلومة ودقتها في الحد من معدلات ارتكاب الجرائم بمختلف درجاتها، ولأهميتها أيضاً في تقديم خدمات سريعة للمواطنين والمقيمين. وتقدمت الشركات العالمية بعروض لبناء نظم المعلومات الإلكترونية للداخلية بأسعار تبلغ العشرات من الملايين، ولأن معاليه من المؤمنين بقدرة المواطن القطري على الإنجاز، فقام بوضع العروض جانباً، واستدعى المختصين بإدارة نظم المعلومات بالوزارة وكلفهم ببناء الأنظمة المطلوبة. وتحقق العمل المطلوب، وأصبح العمل بالوزارة ككل آلياً وأصبحت الخدمات التي تحتاج أياماً طويلة لا تأخذ إلا بضع دقائق فقط. لقد حققت وزارة الداخلية في عهده العديد من الإنجازات حتى أصبحت مضرب الأمثال في التطور، ومواكبة تكنولوجيا العصر، مما قاد لتسهيل المعاملات وانخفاض معدلات ارتكاب الجرائم الكبرى. وفي إطار تيسير الخدمات للمواطنين والمقيمين، فقد اعتمد على توزيع مراكز الخدمات في أجزاء كثيرة من مدينة الدوحة، والمدن الأخرى بدولة قطر. وفوق ذلك قام بالإشراف على تقديم خدمات "مطراش 2" لجميع السكان، بحيث يستطيع أي فرد الحصول على 60 خدمة من خدمات الوزارة بواسطة هاتفه الجوال، وقام معاليه بربط عمل جميع إدارات وزارة الداخلية بقوة الأمن الداخلي (لخويا) وبخدمة الإسعاف التابعة لمؤسسة حمد الطبية، تحت منظومة واحدة من خلال نظم المعلومات الجغرافية (نظام نجم)، والهدف من ذلك هو وصول جميع الأطراف بسرعة وبدقة إلى موقع الحدث، إن أزمة سحب السفراء في 2014 جعلت قطر تنتبه إلى أن هذا الحدث يخفي وراءه حدثاً أكبر، ولذلك أعطى سمو الأمير المفدى تعليماته لرئيس مجلس الوزراء بتسريع تنفيذ المشروعات الكبرى التي ستكون عوناً لقطر في مواجهة أي حدث مستقبلي طارئ وأن يكون التنفيذ بأعلى معايير الجودة والانضباط. وبخلفية تكوين معالي الشيخ عبدالله العسكري المنظم، وما حصل عليه من دورات تخصصية متنوعة، قام بالعمل بهدوء على تكوين إستراتيجي مناسب من السلع الاستهلاكية والإنشائية، وفي نفس الوقت طلب من الوزراء، كل في تخصصه، العمل على الانتهاء من المشاريع الكبرى بالسرعة الممكنة، مع رفع تقارير ربع سنوية عن مراحل الإنجاز في خطط الوزارات. ومن الأمور المهمة التي عرفت عن معاليه بجانب تحقيق معايير الجودة والانضباط، هو إيمانه العميق بالعمل الجماعي، فلذلك قام بإصدار قرار بإنشاء ثلاث مجموعات وزارية رئيسية وهي: 1. المجموعة الوزارية لدعم وتحفيز القطاع الخاص، وأسند رئاستها له شخصياً. 2. المجموعة الوزارية للمشروعات الإستراتيجية، وكلف وزير المالية برئاستها. 3. المجموعة الوزارية لتحديد واستصلاح الأراضي، وكلف وزير البلدية والبيئة برئاستها. وتفرع من هذه المجموعات مجموعات عمل أخرى، وكان حصيلة عمل تلك المجموعات أنه تم الانتهاء من مطار حمد الدولي، ومسارعة الخطى في الانتهاء من مشروعي الميناء والمترو، بجانب الكثير من المشروعات الابتكارية مثل مشروع خزانات المياه الإستراتيجي، وبرنامج النافذة الواحدة، ومجمعات سكن العمال، وتوفير أراض لسكن المواطنين (400ر10 أرض جديدة)، ولا ننسى إنشاء شركة مناطق الاقتصادية (مناطق) لإدارة وتطوير مناطق اقتصادية في قطر لتسهيل ودعم نمو القطاع الخاص. ومن الأمور التي أتعبت الوزراء من معاليه هو عدم اكتفائه بالتقارير التي ترسل له بصفة دورية، بل إنه خصص أوقاتاً للقيام بالزيارات الميدانية المفاجئة، أو المخططة، للاطلاع شخصياً على مراحل إنجاز المشاريع، وطريقة تنفيذ الأعمال الحكومية الروتينية. ذهب معاليه لألمانيا للعلاج، وبعد رجوعه من السفر بأيام قليلة دقت ساعة الصفر، وكما توقع سمو الأمير المفدى، فقد قامت الدول الأربع "الشقيقة"، التي سحبت سفراءها سابقاً، بحصار قطر. وبالدورات التي حصل عليها في إدارة الأزمات (من فرنسا)، وفي فرق الاستجابة (من أمريكا)، وغيرها الكثير، قام معاليه بالاستجابة الفورية للأزمة، مما أنقذ البلاد، وخفف من آثار الحصار. وبما أن الأساس الذي عمل عليه في الفترة التي سبقت الحصار شبه جاهز فقد قام بتحويل الأزمة إلى فرصة. فعمل على توفير ما يحتاج إليه الشعب من سلع ومواد من الخارج، وفي نفس الوقت قام على تقليص الفجوة في العجز المحلي بتبني مشاريع الأمن الغذائي والصناعي، وخلق بيئة استثمارية مناسبة للقطاع الخاص من خلال إنشاء المخازن والمناطق اللوجستية، والأسواق المركزية، وتسريع وتيرة إنجاز مشاريع كأس العالم 2022. ولا ننسى الاستمرار في بناء المدارس والمستشفيات والشوارع وغيرها من المشاريع الخدمية لتستوعب الأعداد المتزايدة للسكان. ومع الآلام التي يعاني منها، من العمليات الجراحية التي أجريت عليه، إلا أنه لم يتوقف عن الزيارات الميدانية للمشاريع والجهات الحكومية للتأكد عن قرب من مدى التزام جميع الأطراف بالخطط المرسومة. إن التوجيه السليم من سمو الأمير المفدى، والتنفيذ الدقيق والسريع لتلك التوجيهات السامية من لدن معاليه، أسهما في تجاوز دولة قطر تداعيات الحصار الذي فرضه جيرانها. ومن إيمان معاليه بالعمل الجماعي وأهمية المشاورة، فقد قام بإنشاء المجلس الاستشاري لمعالي رئيس مجلس الوزراء، واختار له مجموعة من المواطنين من أصحاب التخصصات العليا. ولم يقتصر عمل معاليه في مجال الأمن والأمان لجميع السكان بل تجاوزه ليعطي اهتماما خاصا بالتعليم وتطوره ليواكب متطلبات المرحلة القادمة من رؤية قطر 2030. وفي خضم المشاغل اليومية لمعاليه إلا أنه لم ينس أن يشمل برعايته أصحاب الاحتياجات الخاصة وبخاصة ممن يعانون من اضطرابات التوحد فقام بالسؤال عنهم، وشاركهم في معظم، إن لم يكن كل، أنشطتهم، وأنشأ لهم جمعية خاصة بهم، وطلب من جميع الوزراء الاهتمام بتوفير احتياجاتهم. إن عمل معاليه شمل أيضاً الاستماع إلى شكوى واحتياجات المواطنين، ولذلك جعل مكتبه مفتوحاً لكل من يطلب مقابلته والتحدث إليه، ويحاول قدر الإمكان تنفيذ ما يقدر عليه من طلبات. وفي الختام أعترف بأنني وجدت صعوبة كبيرة في الكتابة عن إنجازات معالي الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني لسببين، أولهما أن معاليه يحب العمل بصمت بعيداً عن الأضواء والصخب الإعلامي، لأنه يرى أن العمل يأتي بالفعل وليس بالكلام، وثانيهما أن شخصية معاليه وإنجازاته من الصعب الكتابة عنها في عدد محدود من الكلمات لا تتجاوز مساحة المقال المتاحة. إن اختيار سمو الأمير المفدى لمعالي رئيس مجلس الوزراء كان فعلاً اختياراً صائباً، لكون معاليه معروفاً عنه الصرامة الإدارية والالتزام، وهذا هو المطلوب للمرحلة الحالية والقادمة.. حفظ الله سمو الأمير المفدى وحفظ الله معالي رئيس وزرائه. والله من وراء القصد،،